هنا ذكرنا ان حديث الرفع لا يقيد به إطلاق قوله عليهالسلام «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» بخلاف بقية الأدلة ، فهو وان شمل رفع الكفارة في ما إذا تحقق سببها عن خطأ أو نسيان ، إلّا انه لا يشمل رفع الضمان لو تحقق إتلاف مال الغير عن الخطأ أو نسيان ، وعلى ذلك فما أفاده متين لا يرد عليه شيء.
وأما الشرط الثاني : فتحقيق الحال فيه أن ترتب الإلزام من جهة على جريان البراءة يكون على أقسام.
الأول : أن يكون الترتب من جهة العلم الإجمالي من دون أن يكون بينهما في ذاتهما ترتب عقلا أو شرعا ، كما إذا علمنا بوجوب أحد الفعلين مثلا لشبهة حكمية أو موضوعية ، فان وجوب كل منهما وان لم يكن مترتبا على إباحة الآخر في نفسها إلّا أن العلم الإجمالي أوجب ذلك ، فإذا ثبتت الإباحة في أحدهما بدليل ترتب عليه وجوب الآخر لا محالة. واما فيما إذا كان المثبت للإباحة أصلا عمليا كالبراءة أو الاستصحاب فلا يترتب عليه ذلك إلّا على القول بحجية الأصول المثبتة. فما ذكره الفاضل قدسسره وان كان صحيحا في هذا القسم ، إلّا أنه لا حاجة إليه ، فان الأصل في كل منهما غير جار في نفسه للمعارضة بينهما ، فلا تصل النوبة إلى استناد عدم الجريان إلى كون الأصل مثبتا.
الثاني : أن يكون الترتب عقليا ، وهذا كترتب وجوب أحد الضدين على عدم وجوب ضده الآخر الأهم ، بناء على استحالة الترتب ، فان الموجب لرفع اليد عن إطلاق دليل وجوب المهم انما هو فعلية التكليف بالأهم وتنجزه ، الموجب لعجز المكلف عن الواجب المهم ، فإذا فرضنا ترخيص الشارع ولو ظاهرا في ترك الأعم فلا مانع من إيجاب المهم حينئذ ، فوجوب المهم مترتب عقلا على إباحة ضده. وفي هذا القسم لا بد من الحكم بالترتب ، ووجوب المهم عند الشك في وجود التكليف بالأهم ، لإطلاق دليل وجوب المهم ، فهو المثبت للإلزام حقيقة ، والبراءة انما رفعت