وبين الضرر كما ذكره في الكفاية. ومادة الضرر تستعمل متعديا إذا كانت مجردة ، واما إذا كانت من باب الأفعال فتستعمل متعدية بالباء ، فيقال : أضرّ به ، ولا يقال : أضره. وأما معنى الضرر فهو النقص في المال ، أو في العرض ، أو في البدن ، وبينه وبين المنفعة واسطة ، فإذا لم يربح التاجر في تجارته ولم يخسر لا يتحقق في مورده منفعة ولا ضرر. ومن ذلك يظهر انه لا وجه لما ذكره في الكفاية (١) من أن التقابل بين الضرر والنّفع تقابل العدم والملكة.
وأما الضرار ، فيمكن أن يكون مصدرا للفعل المجرد ، كما يمكن أن يكون مصدرا من باب المفاعلة. لكن الظاهر أن المذكور في الحديث هو الثاني ، إذ لو كان مجردا لزم التكرار في الكلام بلا موجب ، مع ان ذكر كلمة «انك رجل مضار» في قضية سمرة يؤكد كونه كذلك.
ثم ان المعروف في باب المفاعلة أنه فعل الاثنين ، ولكن التتبع في موارد الاستعمالات كما نبه عليه بعض أعاظم مشايخنا المحققين قدسسره يفيد بطلان ذلك (٢) ، بل ان هيئة المفاعلة وضعت لإفادة قيام الفاعل مقام إيجاد المادة ، قال عزّ من قائل (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ)(٣) فذكر سبحانه ان المنافقين يقومون مقام إيجاد الخديعة ، ولكنها لا تقع إلّا على أنفسهم ، ومن ثم عبر في الجملة الأولى بهيئة المفاعلة ، وفي الجملة الثانية بهيئة الفعل المجرد ، ومن تتبع موارد استعمال تلك الهيئة ولا سيما في القرآن الشريف تجد صحة ما ذكرناه. هذا كله فيما يرجع إلى معنى لفظي الضرر والضرار.
وأما من جهة دخول كلمة (لا) عليهما ، فالمحتملات فيها أمور.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٦٦.
(٢) نهاية الدراية : ٤ ـ ٤٣٧.
(٣) البقرة : ٩.