الضرر المتكفل بتشريع الحكم لعنوان ثانوي ، فتحمل الأدلة المثبتة للأحكام للعناوين الأولية على بيان الأحكام الاقتضائية ، وهذا جار في كل ما تحققت المعارضة بين دليل مثبت للحكم بعنوان أولي مع دليل آخر متكفل ببيان حكم لعنوان ثانوي ، فإذا لاحظ العرف إطلاق دليل وجوب الوضوء لحال الضرر مع دليل نفي الضرر يستكشف منهما ان في الوضوء مقتضى لجعل الوجوب ، وكونه ضرريا مانع عن ذلك ، فيتحصل منهما عدم الوجوب الفعلي في مورد الضرر.
وفيه : انه ان أريد بالحكم الاقتضائي ما يكون من سنخ الحكم المجعول حقيقة ، ومع ذلك كان اقتضائيا غير مشتمل على البعث أو الزجر ، فقد ذكرنا في محله انه لا نتعقل له معنى صحيحا ، فان الأحكام المجعولة في الشريعة كلها مجعولة بنحو القضية الحقيقية ، فيستحيل عدم فعليتها مع تحقق موضوعها خارجا. هذا مضافا إلى ان تلك الأحكام ان كانت اقتضائية في غير موارد الضرر أيضا فما هو الموجب لامتثالها ، وان كانت فعلية فيها فكيف يعقل أن يكون الدليل الواحد متكفلا لبيان حكم واحد قد يكون فعليا وقد يكون اقتضائيا باختلاف موارده.
وان أريد بالحكم الاقتضائي مجرد اشتمال الفعل على الملاك ، بأن يكون إيجاب شيء مثلا في الحقيقة اخبارا عن اشتمال ذلك الفعل على المصلحة الملزمة ، فيرد عليه.
أولا : ان الجمع العرفي لا يساعد على حمل القضية الإنشائية على القضية الخبرية بالوجدان.
وثانيا : ان لازم ذلك عدم وجوب امتثال الأحكام في غير موارد الضرر ، فان وجود المصلحة الإلزامية فيها وان كان ثابتا بالدليل إلّا أنه يحتمل عدم التكليف لمانع لا نعلمه ، فالتكليف مشكوك فيه ، فما الموجب للزوم الامتثال فيها.
والتحقيق في المقام ان يقال : انه لا معارضة بين دليل نفي الضرر وأدلة