اما التوصليات ، فيكفي فيها الامتثال الإجمالي ، حيث أن الغرض منها مجرد تحقق المأمور به في الخارج كيف اتفق ، وبالإتيان بجميع المحتملات يتحقق ذلك قطعا ، كما أن في الطهارة وأمثالها أيضا يحصل الغرض بذلك ، فلو غسل المتنجس بما يعين أحدهما ماء مطلق قطعا والآخر مضاف تحصل الطهارة يقينا ، وإذا احتاط المكلف بالجمع بين إنشاءات متعددة يعلم إجمالا بصحة بعضها كما لو أوقع صيغة النكاح بجميع محتملاتها يقطع بحصول الزوجية وان لم يتميز عنده السبب المؤثر.
ولكن الشيخ قدسسره ناقش في الاحتياط في باب العقود والإيقاعات باختلال قصد الإنشاء مع الترديد. لكنا قد ذكرنا في محله أن التردد فيما هو الممضى من السبب شرعا أجنبي عن الترديد في الإنشاء والاعتبار الّذي هو أمر نفساني قائم بالمعتبر. ويلحقها أيضا الاحتياط في العبادات في الشبهات الموضوعية التي هي مجرى البراءة قبل الفحص ، كما لو نذر المكلف أن يصلي في كل مسجد في البلد ثم شك في مسجدية موضع منه وكان متمكنا من الفحص وإحراز الواقع فلم يفعل وصلى فيه رجاء ، وهكذا في الشبهة الحكمية بعد الفحص إذا كانت بدوية ، بل لا يبعد أن يقال : أن هذا الامتثال الّذي رخص المولى بتركه أرقى بمراتب من الامتثال التفصيليّ في موارد يكون التكليف فيها منجزا ، وعليه فان صادف الاحتياط الواقع كان ما أتى به إطاعة وإلّا كان انقيادا.
واما الاحتياط في العبادات في الشبهات الحكمية مع تنجز الواقع فقد وقع الكلام في حسنه بين الأعلام ، وحيث أنه تارة : لا يستلزم التكرار ، وأخرى : يستلزمه ، وعلى التقديرين تارة ، يكون التكليف المعلوم بالإجمال استقلاليا ، وأخرى : يكون ضمنيا ، ثم ما لا يستلزم التكرار اما أن يكون أصل التكليف محرزا والشك في الخصوصية من الوجوب والندب ، واما أن لا يكون أصل التكليف