وقوله تعالى : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ)(١) أى عجبت من إنكارهم البعث لشدّة تحقّقك بمعرفته ، ويسخرون بجهلهم. وإذا قرئ على الحكاية عن نفس المتكلّم ـ وهى قراءة حمزة والكسائىّ وخلف ـ معناه (٢) : بل عظم فعلهم عندى. وقيل : بل جازيتهم بالتعجّب. وقيل : بل معناه أنه ممّا (٣) يقال عنده : عجبت ، أو يكون مستعارا بمعنى أنكرت ، نحو قوله تعالى : (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ)(٤). ويقال : قصّة عجب.
وقوله تعالى : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا)(٥) تنبيها أنهم قد عهدوا مثل / ذلك قبل. وقوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)(٦) أى ليس ذلك فى نهاية العجب ، بل من أمورنا ما هو أعظم منه وأعجب. وقوله : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً)(٧) أى لم يعهد مثله ، ولم يعرف سببه. وقوله تعالى : (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ)(٨) أى عجيب. ويستعار تارة للمؤنق فيقال : أعجبنى كذا أى راقنى.
ولا يجمع عجب ولا عجيب. وقال بعضهم : جمع عجيب عجائب ؛ مثل أفيل (٩) وأفائل ، وتبيع (١٠) وتبائع. وقد جمع العجّاج العجب فقال :
ذكّرن أشجانا لمن تشجّبا |
|
وهجن أعجابا لمن تعجّبا |
وقولهم : أعاجيب : جمع أعجوبة لما يتعجّب منه ؛ كأحدوثة وأحاديث. والتعاجيب : العجائب ، لا واحد لها من لفظه. قال :
ومن تعاجيب خلق الله غاطية |
|
يعصر منها ملاحىّ وغربيب (١١) |
ورجل تعجابة : صاحب أعاجيب.
__________________
(١) الآية ١٢ سورة الصافات
(٢) الأولى : «فمعناه» لأنه جواب الشرط
(٣) فى الأصلين : «كما» وما أثبت من الراغب
(٤) الآية ٧٣ سورة هود
(٥) الآية ٢ سورة يونس
(٦) الآية ٩ سورة الكهف
(٧) الآية ١ سورة الجن
(٨) الآية ٥ سورة ص
(٩) الأفيل : الفصيل أى ولد الناقة
(١٠) التبيع ولد البقرة فى السنة الأولى
(١١) الغاطية : الكرم الكثير الأغصان. والملاحى : عنب أبيض. والغربيب : عنب أسود