الظل ، فهو يتبعها في حركتها ، يزيد وينقص ، ويمتدّ ويقلص ، فهو تابع لها تبعيّة المدلول / لدليله.
وفيه وجه آخر ، وهو أن يكون المراد قبضه عند قيام السّاعة بقبض أسبابه ، وهي الأجرام الّتى تلقى الظّلال ، فيكون قد ذكر إعدامه بإعدام أسبابه ؛ كما ذكر إنشاءه بإنشاء أسبابه. وقوله : (قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) كأنه يشعر بذلك. وقوله : (قَبْضاً يَسِيراً) يشبه قوله : (ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) (١) ، وقوله بصيغة الماضي لا ينافي ذلك كقوله : (أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (٢).
والوجه في الآية هو الأوّل. وهذان الوجهان إن أراد من ذكرهما دلالة الآية عليهما إشارة وإيماء فقريب ، وإن أراد أن ذلك هو المراد من لفظها فبعيد ؛ لأنّه سبحانه جعل (٣) ذلك آية ودلالة عليه للناظر فيه كما في سائر آياته التي تدعو عباده إلى النّظر فيها ، فلا بدّ أن يكون ذلك أمرا مشهودا تقوم به الدّلالة ، ويحصل به المقصود.
قال المحقّقون من السّالكين : القبض نوعان : قبض في الأحوال ، وقبض في الحقائق. فالقبض في الأحوال : أمر يطرق القلب ويمنعه عن الانبساط والفرح ، وهو نوعان أيضا : أحدهما : ما يعرف سببه كتذكر ذنب ، أو تفريط ، أو بعد ، أو جفوة ، أو حدوث ذلك. والثاني : ما لا يعرف سببه بل يهجم على القلب هجوما لا يقدر على التخلّص منه ، وهذا هو القبض المشار إليه بألسنة القوم ، وضدّه البسط.
__________________
(١) الآية ٤٤ سورة ق
(٢) أول سورة النحل
(٣) في الأصلين : «عقل» وظاهر أنه محرف عما أثبت