والتقبّل : قبول الشئ على وجه يقتضى ثوابا كالهديّة. وقوله تعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(١) تنبيه أنه ليس كل عبادة متقبّلة. بل إذا كانت (٢) على وجه مخصوص. وقوله تعالى : (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ) (٣) ، قيل : معناه : قبلها ، وقيل : تكفّل بها. وإنما قال : (فَتَقَبَّلَهابِقَبُولٍ) ولم يقل (بتقبّل) للجمع بين الأمرين : التقبّل الذي هو الترقّي في القبول ، والقبول الذي يقتضى الرضا والإثابة. وقيل : القبول هو من قولهم : فلان عليه قبول ، أي من رآه أحبّه.
وقوله : (وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا) (٤) قيل : هو جمع قابل ، ومعناه : مقابل لحواسّهم. قال مجاهد : جماعة جماعة فيكون جمع قبيل ، وكذلك قوله تعالى : (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا) (٥). ومن (٦) قرأ (قِبلا) بكسر القاف فمعناه عيانا ، وكذا قوله تعالى :(وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا) (٧) أي عيانا ، (وقُبُلًا) أي جماعة جماعة.
والقبيل : جمع قبيلة ، وهي الجماعة المجتمعة التي تقبل بعضها على بعض ، قال تعالى : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ) (٨) ، مأخوذ من قبائل الرأس وهي القطع المشعوب بعضها إلى بعض. قيل ترتيب صنوف الأحياء على ترتيب الأعضاء. فأوّلها القبيلة من قبائل الرأس ، ثم الشّعب ، ثم
__________________
(١) الآية ٢٧ سورة المائدة
(٢) في الأصلين : «كان» وما أثبت من التاج
(٣) الآية ٣٧ سورة آل عمران
(٤) الآية ١١١ سورة الأنعام
(٥) الآية ٥٥ سورة الكهف
(٦) هم غير عاصم وحمزة الكسائي وأبى جعفر وخلف كما في الاتحاف
(٧) قرأ (قِبَلا) بكسر القاف وفتح الباء نافع وابن عامر وأبو جعفر كما في الاتحاف
(٨) الآية ١٣ سورة الحجرات