والسّلام : «فرغ ربّكم من الخلق والخلق والأجل والرزق (١)» ، (و (مَقْدُوراً) إشارة إلى ما يحدث حالا فحالا ، وهو المشار إليه بقوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)(٢) ، وعلى ذلك قوله : (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)(٣).
وقوله : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ)(٤) أى ما يليق بحاله مقدورا عليه. وقوله : (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى)(٥) ، أى أعطى كلّ شىء ما فيه مصلحة ، وهداه لما فيه خلاص ، إمّا بالتسخير وإمّا بالتعليم ؛ كما قال : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى)(٦).
والتقدير من الإنسان على وجهين : أحدهما : التفكّر فى الأمر بحسب نظر العقل ، وبناء الأمر عليه ، وذلك محمود. والثّانى : أن يكون بحسب التمنّي (٧) والشهوة ، وذلك مذموم ، كقوله : (فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ)(٨). وتستعار القدرة والمقدور للحال والسّعة والمال.
والقدر : وقت الشىء المقدّر له ، والمكان المقدّر له. وقوله : (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها)(٩) أى بقدر المكان [المقدّر](١٠) لأن يسعها ؛ وقرئ (١١) (بقَدْرِها) أى تقديرها. وقوله : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ)(١٢) ، أى معيّنين لوقت قدّروه. وكذلك قوله : (فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)(١٣).
__________________
(١) ورد هذا الحديث فى الجامع الصغير عن الطبرانى فى الأوسط
(٢) الآية ٢٩ سورة الرحمن
(٣) الآية ٢١ سورة الحجر
(٤) الآية ٢٣٦ سورة البقرة
(٥) الآية ٣ سورة الأعلى
(٦) الآية ٥٠ سورة طه
(٧) فى التاج : «التهيؤ»
(٨) الآيتان ١٨ ، ١٩ سورة المدثر
(٩) الآية ١٧ سورة الرعد
(١٠) زيادة من الراغب
(١١) هى قراءة الأشهب العقيلى والحسن كما فى تفسير القرطبى ٩ / ٣٠٥
(١٢) الآية ٢٥ سورة القلم
(١٣) الآية ١٢ سورة القمر