(وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ)(١) ، ولم يرد أنهم آمنوا مرّتين ، بل ذلك إشارة إلى أحوال كثيرة. وقيل : كما يصعد الإنسان فى الفضائل فى ثلاث درجات ، يتسكع فى الرذائل فى ثلاث دركات ، فالآية إشارة إلى ذلك.
ويقال : كفر فلان : إذا اعتقد الكفر ، ويقال : كفر : إذا أظهر الكفر وإن لم يعتقد ، لذلك قال : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(٢). ويقال : كفر فلان بالشيطان : إذا كفر بسببه. وقد يقال ذلك أيضا إذا آمن وخالف الشيطان ، كقوله : (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ)(٣). وقد يعبر عن التبرّى (٤) بالكفر ، نحو : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ)(٥).
وقوله : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ)(٦) ، أى أعجب الزّرّاع بدلالة قوله : (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)(٧) ، ولأن الكافر لا اختصاص له بذلك. وقيل : عنى الكفّار ، وخصّهم لكونهم معجبين بالدنيا وزخارفها ، وراكنين إليها.
والكفّارة : ما يغطّى الإثم ، ومنه كفّارة اليمين والقتل (٨) والظهار. والتكفير : ستر الذنب وتغطيته ، قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا
__________________
(١) الآية ٧٢ سورة آل عمران
(٢) الآية ١٠٦ سورة البقرة
(٣) الآية ٢٥٦ سورة البقرة
(٤) هو مخفف التبرؤ
(٥) الآية ٢٥ سورة العنكبوت
(٦) الآية ٢٠ سورة الحديد
(٧) الآية ٢٩ سورة الفتح
(٨) أى قتل الخطأ كما فى اللسان