وقوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ)(١) ، قيل هو قوله : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا)(٢). وقال الحسن : هو قوله : ألم تخلقنى بيدك! ألم تسكنّى جنّتك! ألم تسجد لى ملائكتك! ألم تسبق رحمتك غضبك! أرأيت إن تبت كنت معيدى إلى الجنّة؟ قال : نعم. وقيل : هو الأمانة المعروضة على السماوات والأرض. وقوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ)(٣) قيل : هى الأشياء التى امتحن الله بها إبراهيم عليهالسلام : من ذبح ابنه ، والختان وغيرهما. وقوله لزكريّا : (أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ)(٤) ، قيل : هى كلمة التوحيد ، وقيل : كتاب الله ، وقيل : يعنى به عيسى عليهالسلام.
وقوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ)(٥) ، فالكلمة هنا القضية ، وكل قضية تسمّى كلمة ، سواء كان ذلك مقالا أو فعالا ، ووصفها بالصدق لأنه يقال : قول / صدق ، وفعل صدق.
وقوله : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) إشارة إلى نحو قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(٦) ، ونبّه بذلك على أنه لا نسخ للشريعة بعد اليوم. وقيل : إشارة إلى ما قال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «أوّل ما خلق الله القلم ، فقال له : اجر بما هو كائن إلى يوم القيامة». وقيل : الكلمة هى القرآن (٧). وعبّر بلفظ الماضى تنبيها أن ذلك فى حكم الكائن. وقيل : عنى بالكلمات (٨) الآيات والمعجزات ، فنبّه أنّ ما أرسل من الآيات تامّ وفيه بلاغ. وقوله :
__________________
(١) الآية ٣٧ سورة البقرة
(٢) الآية ٢٣ سورة الأعراف
(٣) الآية ١٢٤ سورة البقرة
(٤) الآية ٣٩ سورة آل عمران
(٥) الآية ١١٥ سورة الأنعام
(٦) الآية ٣ سورة المائدة
(٧) فى الأصلين بعده : «تنبيها» وكأن هذه الكلمة مقحمة هنا لا معنى لها ، فلذا حذفتها.
(٨) هذا على قراءة «كلمات» بالجمع فى الآية ، وهى قراءة غير الكوفيين ، كما فى القرطبى