الأحوال العامة سميت ظرفا لأنها فى تأويل الجارّ والمجرور ، واسم الظرف يطلق عليهما مجازا.
ومن زعم أنها تأتى عاطفة محتجّا بقول القائل :
إذا قلّ مال المرء لانت قناته |
|
وهان على الأدنى فكيف الأباعد (١) |
خطّئ فى زعمه. ودخول الفاء عليها يزيد خطأه وضوحا.
وفى الارتشاف (٢) : كيف تكون استفهاما ، وهى لتعميم الأحوال. وإذا تعلّقت بجملتين فقالوا : تكون للمجازاة من حيث المعنى لا من حيث العمل. وقصرت عن أدوات الشرط بكونها لا يكون الفعلان معها إلّا متّفقين ؛ نحو كيف تجلس أجلس. وسيبويه يقول : يجازى بكيف ، والخليل يقول : الجزاء به مستكره. انتهى.
وأما قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ)(٣) / فهو توكيد لما تقدم ، وتحقيق لما بعده ، على تأويل أن الله لا يظلم مثقال ذرّة فى الدنيا فكيف فى الآخرة. وإذا ضممت إليه ما صحّ أن يجازى به تقول : كيف ما تفعل أفعل.
وقال الفرّاء : كيف لى بفلان؟ فتقول : كلّ الكيف والكيف ، بالجرّ والنصب.
وكل ما أخبر الله تعالى بلفظ (كيف) عن نفسه فهو استخبار على طريق التنبيه للمخاطب ، وتوبيخ كما تقدم فى الآية.
__________________
(١) جامع الشواهد : ٢٧ ـ لانت قناته كناية عن عدم الاعتماد على رأيه وهان : من الهون بمعنى الذل.
(٢) هو كتاب لأبى حيان فى النحو والصرف
(٣) الآية ٤١ سورة النساء