وأمّا قول فرعون : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ)(١) فإنما قاله جهلا أو مخرقة وإفكا (٢).
والثانى : التعليل. أثبته جماعة ، وحملوا عليه قوله تعالى : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)(٣) ، ومن لم يثبته يحمله على الرجاء ويصرفه إلى المخاطبين ، أى اذهبا على رجائكما.
الثالث : الاستفهام أثبته الكوفيّون ، ولهذا علّق بها الفعل فى نحو : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)(٤) ونحو : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى)(٥).
ويقترن خبرها بأن كثيرا حملا على عسى ؛ كقوله :
* لعلك يوما أن تلمّ ملمّة (٦) *
وبحرف التنفيس قليلا كقوله :
فقولا لها قولا رقيقا لعلّها |
|
سترحمنى من زفرة وعويل (٧) |
ولا يمتنع كون خبرها فعلا ماضيا ، نحو قوله صلىاللهعليهوسلم : «وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». وقوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ)(٨) أى يظنّ بك الناس [ذلك](٩). وقوله : (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(١٠) أى اذكروا الله راجين الفلاح. وقوله تعالى فيما ذكر عن قوم فرعون : (لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ)(١١) فذلك طمع منهم فى فرعون.
__________________
(١) الآيتان ٣٦ ، ٣٧ سورة غافر
(٢) المخرقة : الكذب مأخوذ من الاختراق ، وهو افتراء الكذب. والافك : الكذب أيضا. وانظر حاشية الدسوقى على المغنى فى مبحث لعل
(٣) الآية ٤٤ سورة طه
(٤) الآية ١ سورة الطلاق
(٥) الآية ٣ سورة عبس
(٦) وعجزه عليك من اللائى يدعنك أجدعا)
والبيت لمتمم بن نويرة وانظر جامع الشواهد ٢٤٠ ولم ينسبه.
(٧) جامع الشواهد / ١٨٤ والرواية فيه (رفيقا) بالفاء.
(٨) الآية ١٢ سورة هود
(٩) زيادة من الراغب
(١٠) الآية ٤٥ سورة الأنفال
(١١) الآية ٤٠ سورة الشعراء