وأضعف منه قول آخر : إن الأصل : لمّا بالتنوين بمعنى جمعا ، ثم حذف التنوين إجراء للوصل مجرى الوقف ؛ لأن استعمال لمّا فى هذا المعنى بعيد ، وحذف التنوين من المنصرف أبعد. وأضعف من هذا قول من قال : إنه فعلى من اللمّ وهو بمعناه ، ولكنه منع الصرف لألف التأنيث. ولم يثبت استعمال هذه اللفظة.
واختار ابن الحاجب أنها لمّا الجازمة حذف فعلها ، والتقدير : لمّا يهملوا ، أو لمّا يتركوا لدلالة ما تقدم من قوله تعالى : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ)(١) ، ثم ذكر الأشقياء والسعداء. وقيل : الأحسن أن يقدّر : لمّا يوفّوا أعمالهم ، أى إنهم إلى الآن لم يوفّوها وسيوفّونها.
وأمّا قراءة أبى بكر بتخفيف (إن) وتشديد (لمّا) فيحتمل وجهين : أحدهما : أن تكون مخففة من الثقيلة. والثانى : أن تكون (إن) نافية و (كلّا) مفعولا بإضمار أرى ، ولمّا بمعنى إلّا.
وأمّا قراءة النحويّين (٢) بتشديد النون وتخفيف الميم فواضحة.
وأمّا قراءة الحرميّين (٣) بتخفيفهما فإنّ الأولى (٤) على أصلها من التشديد ووجوب الإعمال ، وفى الثانية مخففة من الثقيلة ، وأعملت على أحد الوجهين. واللام من (لما) فيهما لام الابتداء.
وأمّا المركّبة من كلمتين فكقوله :
لمّا رأيت أبا يزيد مقاتلا |
|
أدع القتال وأشهد الهيجاء |
الأصل فيه : لن ثم أدغمت النون فى الميم للتقارب ، ووصلا خطأ للإلغاز ، وإنما حقها أن يكتبا منفصلين. والله أعلم.
__________________
(١) الآية ١٠٥ سورة هود.
(٢) هما أبو عمرو والكسائى كما فى الكتابة على المغنى.
(٣) هما نافع المدنى وابن كثير المكى.
(٤) هى قراءة النحويين ، وقد أنهى الكلام عليها بقوله «فواضحة» ، فما كان له أن يعود إلى الحديث عنها ولكنه ينقل عبارة المغنى ، ويزيد فيها ما يضر بالسياق.