نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)(١) ، ودليل الرابع : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا)(٢) ، وهو مؤوّل بجادلنا.
وقيل فى آية الفاء : إن الجواب محذوف ، أى انقسموا قسمين. فمنهم مقتصد ، وفى آية المضارع : إن الجواب (جاءَتْهُ الْبُشْرى) على زيادة الواو ، أو الجواب محذوف ، أى أقبل يجادلنا.
الثالث : يكون حرف استثناء ، فيدخل على الجملة الاسميّة ، نحو : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(٣) فيمن شدّد الميم ؛ وعلى الماضى لفظا لا معنى ، نحو / أنشدك الله لمّا فعلت ، أى ما أسألك إلّا فعلك ، ومنه قوله تعالى : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)(٤) قال الفرّاء : لمّا وضعت فى معنى إلّا ، فكأنها لم ضمّت إليها ما وصارا جميعا حرفا واحدا ، وخرجا من حدّ الجحد. قال الأزهرى : ومما يدلّ على أنّ لمّا يكون بمعنى إلّا مع إن التى تكون جحدا قول الله عزوجل : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ)(٥) وهى قراءة قرّاء الأنصار ، وقال الفرّاء : وهى فى قراءة عبد الله (إن كلّهم لمّا كذّب الرسل) ، والمعنى واحد.
وتكون لمّا مركّبة من كلمات ومن كلمتين.
فأمّا المركّبة من كلمات فكما فى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)(٦) فى قراءة ابن عامر وحمزة وحفص بتشديد نون (إن) وميم (لمّا) فيمن قال : الأصل : لمن ما ، فأبدلت النون ميما ، وأدغمت ، فلمّا كثرت الميمات حذفت الأولى. وهذا القول ضعيف ؛ لأن حذف هذه الميم استثقالا لم يثبت.
__________________
(١) الآية ٣٢ سورة لقمان.
(٢) الآية ٧٤ سورة هود.
(٣) الآية ٤ سورة الطارق.
(٤) الآية ٣٢ سورة يس.
(٥) الآية ١٤ سورة ص.
(٦) الآية ١١١ سورة هود.