القهر والاستيلاء فى المالكيّة أكثر ، ولأنّ الرعيّة يمكنهم إخراج أنفسهم عن كونهم رعيّة ، والمملوك لا يمكنه إخراج نفسه عن كونه مملوكا ، وأيضا المملوك يجب عليه خدمة المالك ، بخلاف الرّعية مع الملك. فلهذه الوجوه كان مالك أكمل من ملك ، وممّن قال به الأخفش وأبو عبيدة.
وقيل : ملك أمدح ؛ لأن كلّ أحد من أهل البلد مالك ، والملك لا يكون إلّا واحدا من أعظم النّاس وأعلاهم ، ولإجماعهم على تعيّن لفظه فى المعوّذة (١) ، ولو لا أنه أعلى لم يتعيّن ، ولأن سياسة الملوك أقوى من سياسة المالكين ؛ لأنه لو اجتمع عالم من الملّاك لا يقاومون ملكا واحدا. قالوا : ولأنه أقصر ، والظّاهر أن القارئ يدرك من الزمان ما يدرك فيه الكلمة بتمامها ، بخلاف مالك ، فإنّها أطول ، فيحتمل ألّا يجد من الزّمان ما يتمّها فيه ، فهو أولى وأعلى ، وروى ذلك عن عمر ، واختاره أبو عبيدة. والملكوت والملكوة كالرّهبوت والترقوة : العزّ والسلطان ، وذلك مختصّ بملك الله تعالى ، قال تعالى : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٢) والمملكة ـ مثلّثة اللام ـ : سلطان الملك وبقاعه التى يتملّكها. والمملوك فى التّعارف يختصّ بالرّقيق من بين الأملاك ، قال تعالى : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً)(٣) ، وقد يقال : فلان جواد بمملوكه أى بما يتملكه. والملكة يختصّ بملك العبيد ، يقال : فلان حسن الملكة ، أى الصنع إلى مماليكه. وخصّ ملك العبيد فى القرآن فقال تعالى : (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(٤). وفلان مملوك : مقرّ بالملوكة والملكة والملك بمعنى.
__________________
(١) يريد قوله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ).
(٢) الآية ١٨٥ سورة الأعراف.
(٣) الآية ٧٥ سورة النحل.
(٤) الآية ٢٣ سورة النور.