وعبد بيّن العبديّة والعبوديّة والعبودة. وأصل العبوديّة الخضوع والذلّ. وقوله تعالى : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي)(١) أى فى حزبى. والتعبيد : التذليل ، طريق معبّد : مذلّل. وأعبده : اتّخذه عبدا. وأعبدنى فلان فلانا : ملّكنى إيّاه. والتعبيد : الاستعباد ، وهو أن تتخذه عبدا ، وكذلك الاعتباد. وتعبّدنى : اتّخذنى عبدا.
والعبادة : الطاعة ، وهى أبلغ من العبوديّة ، لأنّها غاية التّذلّل لا يستحقّها إلا من له غاية الإفضال ، وهو الله تعالى. والعبادة ضربان : ضرب بالتسخير كما ذكرناه فى السجود ، وضرب بالاختيار وهو لذى النطق ، وهو المأمور به فى قوله : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)(٢).
والعبد يقال على أضرب :
الأوّل ـ عبد بحكم الشرع يباع ويبتاع ؛ نحو قوله تعالى : (الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ).
والثانى ـ عبد بالإيجاد ، وذلك ليس إلّا لله تعالى ، وإيّاه قصد بقوله : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً)(٣).
الثالث ـ عبد بالعبادة والخدمة ، وهو المقصود بقوله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ)(٤) ، (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا)(٥).
وعبد الدنيا (٦) وأعراضها هو المعتكف على خدمتها ومراعاتها ، وإيّاه قصد النبىّ صلىاللهعليهوسلم بقوله : «تعس عبد الدينار ، تعس
__________________
(١) الآية ٢٩ سورة الفجر
(٢) الآية ٢٦ سورة البقرة
(٣) الآية ٩٣ سورة مريم
(٤) الآية ٤١ سورة ص
(٥) الآية ٦٥ سورة الكهف
(٦) كأن هذا هو الضرب الرابع. وقد جعله الراغب قسما من الضرب الثالث ، حيث ذكر أن الضرب الثالث عبد بالعبادة والخدمة ، وأن الناس فى هذا ضربان : عبد عبد الله مخلصا ، وعبد للدنيا وأعراضها. والخدمة عنده خدمة الدنيا. أما المؤلف فجعل الخدمة خدمة الله سبحانه فجعله ضربا واحدا.