والفيء مأخوذ من فاء يفيء إذا رجع ، وهو كل مال دخل على المسلمين من غير حرب ولا إيجاف. كخراج الأرضين ، وجزية الجماجم (١).
والمعنى الإجمالي للآية الكريمة : (وَاعْلَمُوا) ـ أيها المسلمون ـ (أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) أى : ما أخذتموه من الكفار قهرا (فَأَنَّ لِلَّهِ) الذي منه ـ سبحانه ـ النصر المتفرع عليه الغنيمة (خُمُسَهُ) أى خمس ما غنمتموه شكرا له على هذه النعمة (وَلِلرَّسُولِ) الذي هو سبب في هدايتكم (وَلِذِي الْقُرْبى) أى : ولأصحاب القرابة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمراد بهم على الراجح بنو هاشم وبنو المطلب.
(وَالْيَتامى) وهم أطفال المسلمين الذين مات آباؤهم قبل أن يبلغوا.
(وَالْمَساكِينِ) وهم أهل الفاقة والحاجة من المسلمين.
(وَابْنِ السَّبِيلِ) وهو المسافر الذي نفد ماله وهو في الطريق قبل أن يصل إلى بلده.
وقوله (وَاعْلَمُوا) معطوف على قوله قبل ذلك (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ..) إلخ وما في قوله : (أَنَّما غَنِمْتُمْ) موصولة والعائد محذوف.
وقوله : (مِنْ شَيْءٍ) بيان الموصول محله النصب على أنه حال من العائد المقدر.
أى : أن ما غنمتموه من شيء سواء أكان هذا الشيء قليلا أم كثيرا (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ).
وقوله : (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) خبر مبتدأ محذوف والتقدير : فحكمه أن لله خمسه والجار والمجرور خبر أن مقدم ، وخمسه اسمها مؤخر. والتقدير : فأن خمسه كائن لله وللرسول ولذي القربى ... إلخ.
وأعيدت اللام في قوله (وَلِذِي الْقُرْبى) دون غيرهم من الأصناف التالية لدفع توهم اشتراكهم في سهم النبي صلىاللهعليهوسلم لمزيد اتصالهم به.
وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ ..) شرط جزاؤه محذوف.
أى : إن كنتم آمنتم بالله حق الإيمان ، وآمنتم بما أنزلنا على عبدنا محمد صلىاللهعليهوسلم (يَوْمَ الْفُرْقانِ) أى يوم بدر (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) أى : جمع المؤمنين وجمع الكافرين .. إن كنتم آمنتم بكل ذلك ، فاعملوا بما علمتم ، وارضوا بهذه القسمة عن إذعان وتسليم وحسن قبول.
وما أنزله الله على نبيه صلىاللهعليهوسلم يوم بدر. يتناول ما نزل من آيات قرآنية ، كما يتناول نزول الملائكة لتثبيت المؤمنين ، وتبشيرهم بالنصر كما يتناول غير ذلك مما أيدهم الله به في بدر.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٨ ص ١. طبعة دار الكتب المصرية سنة ١٩٦١ م.