وسمى يوم بدر بيوم الفرقان ، لأنه اليوم الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل وقوله (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تذييل قصد به بيان أن ما أصابه المؤمنون يوم بدر من غنيمة ونصر إنما هو بقدرة الله التي لا يعجزها شيء فعليهم أن يداوموا على طاعته وشكره ليزيدهم من عطائه وفضله.
هذا ، وقد ذكر العلماء عند تفسيرهم لهذه الآية جملة من المسائل والأحكام من أهمها ما يأتى :
١ ـ أن هذه الآية وضحت أن غنائم الحرب تخمس فيجعل الخمس الأول منها لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، والأربعة الأخماس الباقية بينت السنة أنها تقسم على الجيش : للراجل سهم ، وللفارس ثلاثة أسهم أو سهمان.
قال ابن كثير : ويؤيد هذا ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن عبد الله بن شقيق عن رجل قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو بوادي القرى ، وهو معترض فرسا فقلت : يا رسول الله ، ما تقول في الغنيمة ، فقال : لله خمسها وأربعة أخماسها للجيش ، قلت : فما أحد أولى به من أحد ، قال : لا ، ولا السهم تستخرجه من جيبك ، ليس أنت أحق به من أخيك المسلم (١).
وقال بعض العلماء : أفادت الآية أن الواجب في المغنم تخميسه ، وصرف الخمس إلى من ذكره الله ـ تعالى ـ وقسمة الباقي بين الغانمين بالعدل ، للراجل سهم ، وللفارس ثلاثة أسهم ، سهم له وسهمان لفرسه. هكذا قسم النبي صلىاللهعليهوسلم الغنائم عام خيبر.
ومن الفقهاء من يقول : للفارس سهمان. والأول هو الذي دلت عليه السنة الصحيحة ، ولأن الفرس يحتاج إلى مؤنة نفسه وسائسه ، ومنفعة الفارس به أكثر من منفعة رجلين.
ويجب قسمتها بينهم بالعدل ، فلا يحابى أحدا ، لا لرئاسته ولا لنسبه ولا لفضله وفي صحيح البخاري أن سعد بن أبى وقاص رأى أن له فضلا على من دونه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم»؟ (٢).
ذهب جمهور العلماء إلى أن المقصود بإيتاء لفظ الجلالة في قوله (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) : التبرك والتعظيم والحض على إخلاص النية عند القسمة وعلى الامتثال والطاعة له ـ سبحانه ـ.
وليس المقصود أن يقسم الخمس على ستة منها الله ـ تعالى ـ ، فإنه ـ سبحانه ـ له الدنيا والآخرة ، وله ما في السموات وما في الأرض وما بينهما.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣١١.
(٢) تفسير القاسمى ج ٨ ص ٢٩٩٧.