أخرج البخاري عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة التوبة قال : التوبة هي الفاضحة. ما زالت تنزل : ومنهم ومنهم ، حتى ظنوا أنها لن تبقى أحدا منهم إلا ذكر فيها (١).
(د) المنقرة : وسميت بذلك ، لأنها نقرت عما في قلوب المنافقين والمشركين فكشفت عنه ، وأظهرته للناس.
(ه) المثيرة : وسميت بهذا الاسم ، لأنها أثارت مثالبهم وعوراتهم. أى : أخرجتها من الخفاء إلى الظهور.
(و) المبعثرة : لأنها بعثرت أسرارهم. أى بينتها وعرفتها للمؤمنين.
(ز) المدمرة : أى المهلكة لهم.
إلى غير ذلك من الأسماء التي اشتهرت بها هذه السورة الكريمة (٢).
هذا ، وليس في سور القرآن الكريم أكثر أسماء منها ومن سورة الفاتحة.
٤ ـ زمان ومكان نزولها :
قال ابن كثير : هذه السورة الكريمة من أواخر ما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما قال البخاري ...» (٣).
وقال صاحب المنار : هي مدنية بالاتفاق. وقيل : إلا قوله ـ تعالى ـ (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى ...) الآية وذلك لما روى في الحديث المتفق عليه من نزولها في النهى عن استغفاره صلىاللهعليهوسلم لعمه أبى طالب ـ كما سيأتى تفصيله عند تفسيرها.
ويجاب عنه بجواز أن يكون نزولها تأخر عن ذلك ، وبما يقوله العلماء في مثل هذا المقام من جواز نزول الآية مرتين : مرة منفردة ومرة في أثناء السورة.
واستثنى ابن الفرس قوله ـ تعالى ـ (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ...) إلى آخر الآيتين اللتين في آخرها ؛ فزعموا أنهما مكيتان.
ويرده ما رواه الحاكم وأبو الشيخ في تفسيره عن ابن عباس من أن هاتين الآيتين من آخر ما نزل من القرآن ، كما يرده أيضا قول الكثيرين من أن هذه السورة نزلت تامة.
__________________
(١) صحيح البخاري : ج ٦ ص ١٨٣ ـ طبعة مصطفى الحلبي سنة ١٣٤٥.
(٢) راجع تفسير الآلوسى ج ١٠ ص ٣٦. الطباعة المنيرية الطبعة الثانية.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٣١. طبعة عيسى الحلبي.