٥ ـ لما ذا لم تذكر البسملة في أول سورة التوبة؟.
للإجابة على هذا السؤال ذكر العلماء أقوالا متعددة لخصها القرطبي تلخيصا حسنا فقال :
واختلف العلماء في سبب سقوط البسملة من أول هذه السورة على أقوال خمسة :
الأول : ـ أنه قيل كان من شأن العرب في زمانها في الجاهلية ، إذا كان بينهم وبين قوم عهد وأرادوا نقضه ، كتبوا إليهم كتابا ولم يكتبوا فيه بسملة ؛ فلما نزلت سورة براءة بنقض العهد الذي كان بين النبي صلىاللهعليهوسلم والمشركين ، بعث بها النبي صلىاللهعليهوسلم على بن أبى طالب فقرأها عليهم في الموسم ، ولم يبسمل في ذلك على ما جرت به عادتهم في نقض العهود من ترك البسملة.
وقول ثان : ـ روى النسائي قال : حدثنا أحمد قال : حدثنا محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد قال : حدثنا عوف ، قال : حدثنا يزيد الرقاشي ـ وفي صحيح الترمذي يزيد الفارسي ـ قال : قال لنا ابن عباس : قلت لعثمان : ما حملكم على أن عمدتم إلى «الأنفال» وهي من المثاني ، وإلى «براءة» وهي من المئين فقرنتم بينهما ، ولم تكتبوا سطر بسم الله الرحمن الرحيم ، ووضعتموها في السبع الطوال ؛ فما حملكم على ذلك؟
قال عثمان : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول : «ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» وكانت «الأنفال» من أوائل ما أنزل ـ أى بعد الهجرة ، و «براءة» من آخر القرآن نزولا ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها. وقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يبين لنا أنها منها فظننت أنها منها ، فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم.
وقول ثالث : روى عن عثمان أيضا. وقال مالك فيما رواه ابن وهب وابن القاسم وابن عبد الحكم : إنه لما سقط أولها سقط بسم الله الرحمن الرّحيم معه.
وروى ذلك عن ابن عجلان أنه بلغه أن سورة «براءة» كانت تعدل البقرة أو قربها فذهب منها : فلذلك لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم.
وقال سعيد بن جبير : كانت مثل سورة البقرة.
وقول رابع : ـ قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما. قالوا : لما كتبوا المصحف في خلافة عثمان اختلف أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال بعضهم : براءة والأنفال سورة واحدة ، وقال بعضهم : هما سورتان ، فتركت بينهما فرجة لقول من قال إنهما سورتان وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال هما سورة واحدة ، فرضي الفريقان معا ، وثبت حجتاهما في المصحف.