(ب) وأعلمتهم بأن إيمانهم يحتم عليهم عدم الاستغفار لمن خالفهم في الدين مهما بلغت درجة قرابته.
(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ).
(ج) وأمرتهم بأن يصحبوا رسولهم : صلىاللهعليهوسلم : في جهاده للأعداء ، وأن يكابدوا معه الشدائد والأهوال برغبة ونشاط ؛ لأن كل تعب يلحقهم معه مكتوب لهم في سجل حسناتهم.
(ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ ، وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
(د) وأرشدتهم إلى أنه في حالة عدم خروج النبي صلىاللهعليهوسلم معهم للجهاد ، عليهم أن يقسموا أنفسهم إلى قسمين : قسم يخرج للجهاد وقسم آخر يبقى مع النبي صلىاللهعليهوسلم ليتعلم منه العلم ويحفظ عنه ما تجدد من أحكام.
(وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً ، فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) :
(ه) ثم ختم. سبحانه. هذه السورة الكريمة بهاتين الآيتين الدالتين على سابغ رحمته بعباده ، حيث أرسل إليهم رسولا من أنفسهم حريصا على منفعتهم رحيما بهم ، فقال تعالى :
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ. فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).
أما بعد : فهذا عرض إجمالى لما اشتملت عليه سورة التوبة من موضوعات ومن هذا العرض يتبين لنا أن السورة الكريمة قد اهتمت بأمور معينة من أهمها ما يأتى :
١ ـ رسم المنهاج النهائى الذي يجب أن يسير عليه المسلمون في علاقاتهم مع مشركي العرب ، ومع أهل الكتاب ، ومع المنافقين ، مع بيان الأسباب التي تدعو المسلمين إلى التزام هذا المنهاج.
٢ ـ كشف الغطاء عن المنافقين وأصنافهم وأوصافهم ، وعما انطوت عليه قلوبهم من أحقاد ، وعما سلكوه من مسالك خبيثة لمحاربة الدعوة الإسلامية ، ومناوأة أتباعها الصادقين.
وقد أفاضت السورة في الحديث عن ذلك إفاضة لا توجد في غيرها من سور القرآن الكريم.