وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠) انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٤١)
قال الإمام ابن كثير : هذا شروع في عتاب من تخلف عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة تبوك ، حين طابت الثمار والظلال في شدة الحر ، وحمارة القيظ ، (١).
وتبوك : اسم لمكان معروف في أقصى بلاد الشام من ناحية الجنوب ، ويبعد عن المدينة المنورة من الجهة الشمالية بحوالى ستمائة كيلو متر.
وكانت غزوة تبوك في شهر رجب من السنة التاسعة ، وهي آخر غزوة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وكان السبب فيها أن الرسول صلىاللهعليهوسلم بلغه أن الروم قد جمعوا له جموعا كثيرة على أطراف الشام ، وأنهم يريدون أن يتجهوا إلى الجنوب لمهاجمة المدينة.
فاستنفر صلىاللهعليهوسلم الناس إلى قتال الروم ، وكان صلىاللهعليهوسلم قلما يخرج إلى غزوة إلا ورى بغيرها حتى يبقى الأمر سرا.
ولكنه في هذه الغزوة صرح للمسلمين بوجهته وهي قتال الروم ، وذلك لبعد المسافة ، وضيق الحال ، وشدة الحر ، وكثرة العدو.
وقد لبى المؤمنون دعوة رسولهم صلىاللهعليهوسلم لقتال الروم ، وصبروا على الشدائد ، والمتاعب وبذلوا الكثير من أموالهم ، ولم يتخلف منهم إلا القليل.
أما المنافقون وكثير من الأعراب ، فقد تخلفوا عنها ، وحرضوا غيرهم على ذلك ، وحكت السورة ـ في كثير من آياتها الآتية ـ ما كان منهم من جبن ومن تخذيل الناس عن القتال ، ومن تحريض لهم على القعود وعدم الخروج.
وبعد أن وصل الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون إلى تبوك ، لم يجدوا جموعا للروم. فأقاموا
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣٩ بتصرف وتلخيص.