الله. فإن كان في معصية لم يعط : لأن إعطاءه يعتبر إعانة له على المعصية ، وهذا لا يجوز.
وقد ألحقوا بابن السبيل ، كل من غاب عن ماله ، ولو كان في بلده.
وقوله. فريضة من الله ، منصوب بفعل مقدر أى : فرض الله لهم هذه الصدقات فريضة ، فلا يصح لكم أن تبخلوا بها عنهم ، أو تتكاسلوا في إعطائها لمستحقيها.
فالجملة الكريمة زجر للمخاطبين عن مخالفة أحكامه. سبحانه.
وقوله : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) تذييل قصد به بيان الحكمة من فرضية الزكاة.
أى : والله ـ تعالى ـ عليم بأحوال عباده ، ولا تخفى عليه خافية من تصرفاتهم ، حكيم في كل أوامره ونواهيه ، فعليكم. أيها المؤمنون. أن تأتمروا بأوامره ، وأن تنتهوا عن نواهيه لتنالوا رضاه.
هذا ، ومن الأحكام والآداب التي أخذها العلماء من هذه الآية ما يأتى :
١ ـ أن المراد بالصدقات هنا ما يتناول الزكاة المفروضة وغيرها من الصدقات المندوبة ، وذلك لأن اللفظ عام فيشمل كل صدقة سواء أكانت واجبة أم مندوبة ، ولأن لفظ الصدقة في عرف الشرع وفي صدر الإسلام ، كان يشمل الزكاة المفروضة ، والصدقة المندوبة ، ويؤيده قوله ـ تعالى ـ : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها).
ومن العلماء من يرى أن المراد بالصدقات في الآية : الزكاة المفروضة ، لأن (أل) في الصدقات للعهد الذكرى والمعهود هو الصدقات الواجبة التي أشار إليها القرآن. بقوله قبيل هذه الآية. (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) ولأن الصدقات المندوبة يجوز صرفها في غير الأصناف الثمانية كبناء المساجد والمدارس.
ويبدو لنا أن لفظ الصدقات في الآية عام بحيث يتناول كل صدقة ، إلا أن الزكاة المفروضة تدخل فيه دخولا أوليا.
٢ ـ قال بعض العلماء : ظاهر الآية يقضى بالقسمة بين الثمانية الأصناف ، ويؤيد هذا وجهان.
الأول. ما يقتضيه اللفظ اللغوي ، إن قلنا. الواو للجمع والتشريك.
والثاني. ما رواه أبو داود في سنته من قوله صلىاللهعليهوسلم «إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات ، حتى حكم فيها ، فجزأها ثمانية أجزاء».
وقد ذهب إلى هذا الشافعى وعكرمة والزهري ، إلا إن استغنى أحدهما فتدفع إلى الآخرين بلا خلاف.