قال بعض العلماء : وأنت إذا تأملت أدلة الطرفين وجدت أنها متعارضة ومحل نظر ، وأياما كان فقد اتفق الرأيان على أن الفقراء والمساكين صنفان.
وروى عن أبى يوسف ومحمد أنهما صنف واحد واختاره الجبائي ، ويكون العطف بينهما لاختلاف المفهوم. وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا أوصى لفلان وللفقراء والمساكين ؛ فمن قال إنهما صنف واحد جعل لفلان نصف الموصى به ، ومن قال إنهما صنفان جعل له الثلث من ذلك (١).
٤ ـ ظاهر الآية يدل على أن الزكاة يجوز دفعها لكل من يشمله اسم الفقير والمسكين ، إلا أن هذا الظاهر غير مراد ؛ لأن الأحاديث الصحيحة قد قيدت هذا الإطلاق.
قال القرطبي : اعلم أن قوله ـ تعالى ـ : (لِلْفُقَراءِ) مطلق ليس فيه شرط وتقييد ، بل فيه دلالة على جواز الصرف إلى جملة الفقراء ، سواء أكانوا من بنى هاشم أم من غيرهم ، إلا أن السنة وردت باعتبار شروط ، منها : ألا يكونوا من بنى هاشم ، وألا يكونوا ممن تلزم المتصدق نفقته ، وهذا لا خلاف فيه.
وشرط ثالث ألا يكون قويا على الاكتساب ؛ لأنه صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تحل الصدقة لغنى ، ولا لذي مرة سوى».
ولا خلاف بين علماء المسلمين في أن الصدقة المفروضة لا تحل للنبي صلىاللهعليهوسلم ولا لبنى هاشم ولا لمواليهم .. (٢).
وكذلك لا يصح أن تعطى لغير المسلمين ، ففي الصحيحين عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : «أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» فاقتضى ذلك ان الصدقة مقصورة على فقراء المسلمين.
إلا أنه نقل عن أبى حنيفة جواز دفع صدقة الفطر إلى الذمي.
٥ ـ أخذ بعض العلماء من قوله ـ تعالى ـ (وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) أنه يجب على الإمام أن يرسل من يراه أهلا لجمع الزكاة ممن تجب عليهم.
وقد تأكد هذا الوجوب بفعل النبي صلىاللهعليهوسلم فقد ثبت في أحاديث متعددة أنه أرسل بعض الصحابة لجمع الزكاة.
__________________
(١) تفسير آيات الأحكام ج ٣ ص ٣٤ للأستاذ محمد على السائس ـ بتصرف وتلخيص ـ
(٢) تفسير القرطبي ج ٨ ص ١٩١.