روى البخاري عن أبى حميد الساعدي قال : استعمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا على صدقات بنى سليم يدعى ابن اللتبية ، فلما جاء حاسبه (١).
٦ ـ أخذ بعض العلماء ـ أيضا ـ من قوله ـ تعالى ـ (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) أن حكمهم باق ، لأنهم قد ذكروا من بين مصارف الزكاة ، ولأن الرسول صلىاللهعليهوسلم قد أعطاهم ، فيعطون عند الحاجة.
قال الإمام القرطبي ما ملخصه : واختلف العلماء في بقاء المؤلفة قلوبهم.
فقال عمر والحسن والشعبي وغيرهم : انقطع هذا الصنف بعز الإسلام وظهوره.
وهذا مشهور من مذهب مالك وأصحاب الرأى.
قال بعض علماء الحنفية. لما أعز الله الإسلام وأهله ، أجمع الصحابة في خلافة أبى بكر على سقوط سهمهم.
وقال جماعة من العلماء : هم باقون لأن الإمام ربما احتاج أن يستألف على الإسلام وإنما قطعهم عمر لما رأى من إعزاز الدين.
وقال ابن العربي. الذي عندي أنه إن قوى الإسلام زالوا ، وإن احتيج إليهم أعطوا سهمهم كما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعطيهم ، فإن في الصحيح «بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ» (٢).
والذي يبدو لنا أن ما قاله ابن العربي أقرب الأقوال إلى الصواب لأن مسألة إعطاء المؤلفة قلوبهم تختلف باختلاف الأحوال ؛ فإن كان الإمام يرى أن من مصلحة الإسلام إعطاءهم أعطاهم ، وإن كانت المصلحة في غير ذلك لم يعطهم.
٧ ـ دلت الآية الكريمة على أن الزكاة ركن من أركان الإسلام ، لقوله تعالى «فريضة من الله».
قال بعض العلماء ما ملخصه ، تلك هي فريضة الزكاة. ليست أمر الرسول وإنما هي أمر الله وفريضته وقسمته وما الرسول فيها إلا منفذ للفريضة المقسومة من رب العالمين.
وهذه الزكاة تؤخذ من الأغنياء على أنها فريضة من الله ، وترد على الفقراء على أنها فريضة من الله ، وهي محصورة في طوائف من الناس عينهم القرآن وليست متروكة لاختيار أحد حتى ولا اختيار الرسول نفسه.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٨ ص ١٧٧.
(٢) تفسير القرطبي ج ٨ ص ١٨١.