وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ)(٨٣)
وقوله : «المخلفون» اسم مفعول مأخوذ من قولهم خلف فلان فلانا وراءه إذا تركه خلفه.
والمراد بهم : أولئك المنافقون الذين تخلفوا عن الخروج إلى غزوة تبوك بسبب ضعف إيمانهم ، وسقوط همتهم ، وسوء نيتهم ..
قال الجمل : وقوله (خِلافَ رَسُولِ اللهِ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه منصوب على المصدر بفعل مقدر مدلول عليه بقوله «مقعدهم» لأنه في معنى تخلفوا أى : تخلفوا خلاف رسول الله. الثاني : أن خلاف مفعول لأجله والعامل فيه إما فرح وإما مقعد. أى : فرحوا لأجل مخالفتهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيث مضى هو للجهاد وتخلفوا هم عنه. أو بقعودهم لمخالفتهم له ، وإليه ذهب الطبري والزجاج ، ويؤيد ذلك قراءة من قرأ : «خلف رسول الله» ـ بضم الخاء واللام ، الثالث : أن ينتصب على الظرف. أى بعد رسول الله ، يقال : أقام زيد خلاف القوم ، أى : تخلف بعد ذهابهم ، وخلاف يكون ظرفا ، وإليه ذهب أبو عبيدة وغيره ، ويؤيد هذا قراءة ابن عباس ، وأبى حيوه ، وعمرو بن ميمون ، «خلف رسول الله» ـ بفتح الخاء وسكون اللام (١).
والمعنى : فرح المخلفون : من هؤلاء المنافقين ، بسبب قعودهم في المدينة ، وعدم خروجهم إلى تبوك للجهاد مع الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، وكرهوا أن يبذلوا شيئا من أموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمة الله.
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٣٠٤.