الأولى : يغشاكم كيلقاكم ، من غشيه إذا أتاه وأصابه وفي المصباح : غشيته أغشاه من باب تعب بمعنى أتيته ـ وهي قراءة أبى عمرو وابن كثير.
الثانية : يغشيكم ـ بإسكان الغين وكسر الشين ـ من أغشاه. أى أنزله بكم وأوقعه عليكم ـ وهو قراءة نافع ـ
الثالثة : يغشيكم ـ بتشديد الشين وفتح الغين وهي قراءة الباقين ـ من غشاه تغشية بمعنى غطاه.
أى : يغشيكم الله النعاس أى يجعله عليكم كالغطاء من حيث اشتماله عليكم.
والنعاس على القراءة الأولى مرفوع على الفاعلية ، وعلى الأخيرتين منصوب على المفعولية. وقوله : «أمنة» حال أو مفعول لأجله (١).
وقال القرطبي : وكان هذا النعاس في الليلة التي كان القتال من غدها ، فكان النوم عجيبا مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم ، ولكن الله ربط جأشهم.
وقال القرطبي : وكان هذا النعاس في الليلة التي كان القتال من غدها ، فكان النوم عجيبا مع ما كان بين أيديهم من الأمر المهم ، ولكن الله ربط جأشهم.
وعن على ـ رضى الله عنه ـ قال : ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد على فرس أبلق ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم سوى رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت شجرة يصلى حتى أصبح.
وفي امتنان الله عليهم بالنوم في هذه الليلة وجهان : ـ أحدهما : أن قواهم بالاستراحة على القتال من الغد.
الثاني : أن أمنهم بزوال الرعب من قلوبهم : كما يقال : الأمن منيم ، والخوف مسهر» (٢).
وقال ابن كثير : وجاء في الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما كان يوم بدر في العريش مع الصديق ، وهما يدعوان ، أخذت رسول الله صلىاللهعليهوسلم سنة من النوم. ثم استيقظ متبسما ، فقال : «أبشر يا أبا بكر ، هذا جبريل على ثناياه النقع». ثم خرج من باب العريش وهو يتلو قول الله ـ تعالى ـ (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٣).
والمعنى : واذكروا ـ أيها المؤمنون ـ أيضا ، وقت أن كنتم متعبين وقلقين على مصيركم في هذه المعركة ، فألقى الله عليكم النعاس ، وغشاكم به قبل التحامكم بأعدائكم ، ليكون أمانا لقلوبكم ، وراحة لأبدانكم ، وبشارة خير لكم.
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٢٣٠ ـ بتصرف يسير.
(٢) تفسير القرطبي ج ٨ ص ٣٧٢.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٩١.