الإجابة .. قال الشاعر :
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى |
|
فلم يستجبه عند ذاك مجيب (١) |
أى : فلم يجبه عند ذاك مجيب.
وكان الإمام القرطبي يرى أن السين والتاء في قوله : «استجيبوا» زائدتان.
ولعل الأحسن من ذلك أن تكون السين والتاء للطلب ، لأن الاستجابة هي الإجابة بنشاط وحسن استعداد.
وقوله (لِما يُحْيِيكُمْ) أى لما يصلحكم من أعمال البر والخير والطاعة ، التي توصلكم متى تمسكتم بها إلى الحياة الكريمة الطيبة في الدنيا ، وإلى السعادة التي ليس بعدها سعادة في الآخرة.
وهذا المعنى الذي ذكرناه لقوله (لِما يُحْيِيكُمْ) أدق مما ذكره بعضهم من أن المراد بما يحييهم القرآن ، أو الجهاد ، أو العلم ... إلخ.
وذلك ، لأن أعمال البر والخير والطاعة تشمل كل هذا.
والمعنى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالله حق الإيمان ، (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) عن طواعية واختيار ، ونشاط وحسن استعداد (إِذا دَعاكُمْ) الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (لِما يُحْيِيكُمْ) أى : إلى ما يصلح أحوالكم ، ويرفع درجاتكم ، من الأقوال النافعة ، والأعمال الحسنة ، التي بالتمسك بها تحيون حياة طيبة : وتظفرون بالسعادتين : الدنيوية والأخروية.
والضمير في قوله (دَعاكُمْ) يعود إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأنه هو المباشر للدعوة إلى الله ، ولأن في الاستجابة له استجابة لله ـ تعالى ـ قال ـ سبحانه ـ : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ، وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (٢).
وقوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) تحذير لهم من الغفلة عن ذكر الله ، وبعث لهم على مواصلة الطاعة له ـ سبحانه ـ.
وقوله : (يَحُولُ) من الحول بين الشيء والشيء ، بمعنى الحجز والفصل بينهما.
قال الراغب : أصل الحول تغير الشيء وانفصاله عن غيره ، وباعتبار التغير قيل حال الشيء يحول حولا واستحال تهيأ لأن يحول : وباعتبار الانفصال قيل حال بيني وبينك كذا ... أى فصل ..» (٣).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٧ ص ٣٨٩.
(٢) سورة النساء. الآية ٨٠.
(٣) المفردات في غريب القرآن ص ١٣٧.