[٢ / ١٩٠٧] وأخرج ابن جرير عن ابن وهب ، قال : سألته ، يعني ابن زيد ، عن قول الله عزوجل : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ) فقال : أمّا الفرقان الذي قال الله عزوجل : (يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ)(١) فذلك يوم بدر ، يوم فرّق الله بين الحقّ والباطل ، والقضاء الذي فرّق به بين الحقّ والباطل. قال : فكذلك أعطى الله موسى الفرقان ، فرّق الله بينهم ، وسلّمه الله وأنجاه. فرّق بينهم بالنصر ، فكما جعل الله ذلك بين محمّد والمشركين ، فكذلك جعله بين موسى وفرعون (٢).
[٢ / ١٩٠٨] وقال ابن عبّاس : أراد بالفرقان النصر على الأعداء. نصر الله عزوجل موسى وأهلك فرعون وقومه. يدلّ عليه قوله عزوجل : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ)(٣) يوم بدر (٤).
[٢ / ١٩٠٩] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ) يعني النصر حين فرّق بين الحقّ والباطل ونصر موسى وأهلك فرعون. نظيرها في الأنفال قوله ـ سبحانه ـ : (وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ) يعني يوم النصر (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) فنصر الله ـ عزوجل ـ المؤمنين وهزم المشركين (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) من الضلالة بالتوراة يعني بالنور. (٥).
وقال أبو جعفر : وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية ما روي عن ابن عبّاس وأبي العالية ومجاهد ، من أنّ الفرقان الذي ذكر الله أنّه آتاه موسى في هذا الموضع هو الكتاب الذي فرّق به بين الحقّ والباطل ، وهو نعت للتوراة وصفة لها. فيكون تأويل الآية حينئذ : وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح ، وفرّقنا بها بين الحقّ والباطل ، فيكون الكتاب نعتا للتوراة أقيم مقامها استغناء به عن ذكر التوراة ، ثمّ عطف عليه بالفرقان ، إذ كان من نعتها (٦).
__________________
(١) الأنفال ٨ : ٤١.
(٢) الطبري ١ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧ / ٧٨٣ ؛ التبيان ١ : ٢٤٢ ، بلفظ : «وقال ابن زيد : الفرقان : النصر الّذي فرّق الله به بين موسى وفرعون : كما فرّق بين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبين المشركين ، كما قال : يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ.
(٣) الأنفال ٨ : ٤١.
(٤) الثعلبي ١ : ١٩٧.
(٥) تفسير مقاتل ١ : ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٦) الطبري ١ : ٤٠٦.