بعد أيضا ، حيث طلبوا من موسى أن يصنع لهم تمثال إله : (فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)(١). فاكتفى بتجهيلهم ولم يعتبرهم مرتدّين عن عقائدهم وهم في بداية الأمر.
قال الأستاذ عبد الوهّاب النجّار : إنّ بني إسرائيل لم تكن أنفس أكثرهم مرتاضة بالإيمان. وإنّهم كانوا ذوي جهالة لم يحصلوا على الثقافة الكافية لصون عقائدهم من الزيغ. والقوم عاشوا في مصر وألفوا أن يروا عبادة المصريّين للعجل (أبيس). وكان للمصريّين عناية فائقة بعبادة هذا العجل ، وكانت العجول المؤلّهة إذا ماتت حنّطوها كما يحنّط الآدمي بما يحفظ جسمها من التلف ودفنوها في مقبرة خاصّة ، في جهة سقارة تسمّى «سرابيوم» (٢).
فقد كان إلف بني إسرائيل لعبادة العجلّ ـ وهم في مصر ـ قد سهّل لرجل ماكر (السامريّ) ليصنع لهم العجل ويقول لهم : هذا إلهكم وإله موسى! وما ذلك سوى انتهاز الفرصة لموضع جهالة القوم.
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٣٨.
(٢) قصص الأنبياء : ٢١٨.