[٢ / ١٩٣٩] قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام في وصف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فأعرض عن الدنيا بقلبه وأمات ذكرها عن نفسه» (١).
[٢ / ١٩٤٠] وقال : «السالك الطريق إلى الله سبحانه ، قد أحيا عقله وأمات نفسه» (٢).
[٢ / ١٩٤١] وقال : «أحي قلبك بالموعظة وأمته بالزهادة» (٣).
وهذا هو معنى قول الصادق عليهالسلام فيما مرّ : «من ملك نفسه ـ لدى المشتهيات ـ حرّم الله جسده على النار» (٤).
فمن شرائط قبول التوبة هو الأخذ الشديد بزمام النفس دون جموحها أخذا مع الأبد. وإذ قد فعل ذلك فقد قتل نفسه وجعل حدّا دون هواها.
***
ودليل آخر على عدم إرادة القتل بمعنى إزهاق الروح ، أن لا فائدة تعود إلى التائب لو أمر بقتل نفسه قتلا حقيقة ، ولا موضع لقوله تعالى : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) إذ لا خير لهم ، أي لا مصلحة لهم في العاجل .. في حين أنّ المراد هنا هي خير الدنيا والآخرة.
وبذلك قال القاضي عبد الجبّار ، قال : حقيقة القتل هي نقض البنية ، ولا يجوز أن يأمر الله بعبادة إلّا إذا ترتّبت عليها مصلحة تعود إلى العباد في مستقبل حياتهم ، وليس بعد القتل حال تكليف حتّى يكون القتل مصلحة فيه (٥).
على أنّ القتل عقوبة على الردّة ـ كما قيل ـ ولا عقوبة على النادم الآئب التائب إلى الله ، ولا سيّما من قوم جاهلين. إذ لم يكن منهم ردّة ، وإنّما زعموا في العجل تجلّيا لإله موسى ، كما نصّ عليه القرآن : (فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى)(٦). إذن فقد كانت جهالة ، وقد تكرّرت منهم ذلك فيما
__________________
(١) نهج البلاغة ١ : ٢١٥ ، الخطبة ١٠٩ ، و ٢ : ٥٩ الخطبة ١٦٠.
(٢) المصدر ، الخطبة ٢٢٠.
(٣) المصدر ، الكتاب ٣١.
(٤) انظر : الفقيه ٤ : ٢٥٤ / ٨٢١.
(٥) التفسير الكبير ٣ : ٨١.
(٦) طه ٢٠ : ٨٨.