وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ)(١) وذلك قوله : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ.) ثمّ إنّ الله ـ جلّ ثناؤه ـ أحياهم ، فقاموا رجلا رجلا ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون ، فقالوا : يا موسى أنت تدعو الله فلا تسأله شيئا إلّا أعطاك ، فادعه يجعلنا أنبياء! فدعا الله تعالى ، فجعلهم أنبياء ، فذلك قوله : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ)(٢).
[٢ / ١٩٥٨] وعن ابن زيد ، قال : قال لهم موسى لمّا رجع من عند ربّه بالألواح ، قد كتب فيها التوراة فوجدهم يعبدون العجل ، فأمرهم بقتل أنفسهم ، ففعلوا ، فتاب الله عليهم ، فقال : إنّ هذه الألواح فيها كتاب الله فيه أمره الذي أمركم به ، ونهيه الذي نهاكم عنه. فقالوا : ومن يأخذ بقولك أنت؟ لا والله حتّى نرى الله جهرة ، حتّى يطلع الله علينا فيقول : هذا كتابي فخذوه! فما له لا يكلّمنا كما يكلّمك أنت يا موسى؟ فيقول : هذا كتابي فخذوه! وقرأ قول الله تعالى : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) قال :
فجاءت غضبة من الله ـ عزوجل ـ فجاءتهم صاعقة بعد التوبة ، فصعقتهم فماتوا أجمعون. قال : ثمّ أحياهم الله من بعد موتهم ، وقرأ قول الله تعالى : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فقال لهم موسى : خذوا كتاب الله! فقالوا : لا ، فقال : أيّ شيء أصابكم؟ قالوا : أصابنا أنّا متنا ثمّ حيينا. قال : خذوا كتاب الله! قالوا : لا. فبعث الله تعالى ملائكة ، فنتقت الجبل فوقهم (٣).
وهكذا روى ابن أبي حاتم ما يقارب روايات أبي جعفر.
[٢ / ١٩٥٩] فروى بالإسناد إلى عبّاد بن إسحاق عن أبي الحويرث عن ابن عبّاس أنّه قال في قول الله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) : أي علانية ، أي حتّى نرى الله!
[٢ / ١٩٦٠] وعن قتادة في قول الله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) أي عيانا. قال أبو محمّد : وكذا فسّره الربيع بن أنس : عيانا.
[٢ / ١٩٦١] وعن محمّد بن شعيب بن شابور قال سمعت عدوة بن رويم يقول : سأل بنو إسرائيل موسى فقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) فأخبرهم أنّهم لن يطيقوا ذلك ، فأبوا ، فسمعوا من كلام الله فصعق بعضهم وبعض ينظرون ، ثمّ بعث هؤلاء وصعق هؤلاء ..
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٥٦.
(٢) الطبري ١ : ٤١٦ ـ ٤١٧ / ٨٠٧.
(٣) المصدر : ٤١٧ / ٨٠٨.