غير أنّ هذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد وقع مورد نقاش أهل العلم ، قال أبو عيسى الترمذي : هذا الحديث رواه سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمان بن أبي ليلى مقتصرا عليه. ولم يذكر فيه عن صهيب عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وهكذا نرى أبا جعفر الطبري يروي تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله ، عن جماعة منهم أبو بكر وعامر بن سعد وحذيفة وأبو موسى الأشعري وابن أبي ليلى. ويروي عن حمّاد عن ثابت عن عبد الرحمان بن أبي ليلى أنّه قال : الزيادة النظر إلى وجه ربّهم. وهكذا روى بالإسناد إلى سليمان بن المغيرة عن ثابت عن ابن أبي ليلى. قال : روي ذلك بعدّة طرق كلّها موقوفة على عبد الرحمان من غير رفعه إلى صهيب عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
الأمر الذي جعل العلماء في ريب من رفع الحديث إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا سيّما وثابت بن أسلم البناني كان قد اختلط في الحديث ، ومن ثمّ تركه أيّوب ولم يكتب عنه. وفي سؤالات أبي جعفر البغدادي لأحمد بن حنبل : سئل أحمد عن ثابت وحميد أيّهما أثبت في أنس؟
فقال : قال يحيى بن سعيد القطّان : ثابت اختلط. وحميد أثبت منه. وفي الكامل لابن عديّ عن القطّان : كان أيّوب يدع ثابتا البنانيّ لا يكتب عنه (٣).
وأمّا حمّاد بن سلمة فقد اتّهم بكثرة الوضع عليه ولا سيّما ربيبه ابن أبي العوجاء كان يدسّ في كتبه. وقد اجتنب البخاري حديث حمّاد لذلك. قال الذهبي : حمّاد بن سلمة ثقة وكانت له أوهام ، وتحايده البخاري. وقال أبو الفضل بن طاهر : إنّ مسلما أخرج أحاديث أقوام ترك البخاري أحاديثهم ، منهم حمّاد بن سلمة. وعن الأعمش قال : حدّثني حمّاد بحديث عن إبراهيم ـ وكان مرجئا ـ وكان ـ أي حمّاد ـ غير ثقة. وقال الأعمش مرّة : حدّثنا حمّاد وما كنّا نصدّقه.
ولعلّ من أوهامه أحاديثه المنكرة في الصفات ، ذكر بعضها الذهبيّ شواهد على نكارة أحاديثه. منها حديث تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله.
[٢ / ١٩٨١] ومنها حديثه عن ثابت عن أنس مرفوعا ـ في قوله تعالى ـ : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) قال : أخرج طرف خنصره ، وضرب على إبهامه ، فساخ الجبل!
__________________
(١) الترمذي ٥ : ٢٨٦ / ٣١٠٥.
(٢) راجع : الطبري ١١ : ٧٤ ـ ٧٥.
(٣) تهذيب التهذيب ٢ : ٣ ؛ الكامل لابن عدي ٢ : ٣٠٦.