الله لبني إسرائيل : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ)(١).
[٢ / ٢١١٤] وأخرج الحاكم بالإسناد إلى السدّي عن مرّة الهمداني عن عبد الله بن مسعود ، قال : إنّ أصحاب العجل قالوا : هطّا سمقاثا أزبه مزبا ، وهي بالعربيّة : حنطة حمراء قويّة فيها شعرة سوداء ، فذلك قوله ـ عزوجل ـ : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ)(٢).
قال القرطبي : وهي لفظة عبرانيّة ، تفسيرها : حنطة حمراء. حكاها ابن قتيبة وحكاها الهروي عن السدّي ومجاهد (٣).
***
وقال الحجّة البلاغي : قالوا ما لا يرجع إلى الاستغفار وطلب الحطّ لأثقال ذنوبهم ، ولعلّ من مصداق ذلك أنّهم حذفوا الأمر بالعبادة والاستغفار ودوام السجود في بيت المقدس وبدّلوه بأنّ الله أمرهم في التوراة بأنّهم إذا لم يقدروا أن يحملوا زكواتهم ، أن يبيعوها بفضّة وينفقوها في بلد بيت المقدس بما تشتهي أنفسهم في البقر والغنم والخمر والمسكر ، كما في الفصل الرابع عشر من سفر التثنية!
قال : وهل يعقل أنّ الله يأمر بإنفاق الزكاة في شرب الخمر والمسكر في بيت عبادته؟! (٤).
وقال الشيخ محمّد عبده : منشأ هذه الأقوال ، الروايات الإسرائيليّة ، ولليهود في هذا المقام كلام كثير وتأويلات خدع بها المفسّرون. ولا نجيز حشوها في تفسير كلام الله تعالى. قال : وما ورد في الصحيح منها لا يخلو من علّة إسرائيليّة (٥).
وذكر السيّد رشيد رضا عن أستاذه : وأمّا معنى تبديلهم قولا غير الذي قيل لهم ، فهو أنّهم عصوا بالقول والفعل ، وخالفوا الأمر مخالفة تامّة لا تحتمل الاجتهاد ولا التأويل.
قال : ولا ثقة لنا بشيء ممّا روي في هذا التأويل من ألفاظ عبرانيّة ولا عربيّة ، فكلّه من الإسرائيليّات الوضعيّة ، وإن خرج بعضه في الصحيح والسنن موقوفا ومرفوعا كحديث أبي هريرة
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٧٤ ؛ ابن كثير ١ : ١٠٣.
(٢) الحاكم ٢ : ٣٢١ ؛ الكبير ٩ : ٢١١ / ٩٠٢٧ ؛ مجمع الزوائد ٦ : ٣١٤.
(٣) القرطبي ١ : ٤١١.
(٤) تفسير آلاء الرحمان ١ : ٩٥ ـ ٩٦.
(٥) تفسير المنار ١ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥.