٦ ـ وأصحاب الأعراف!
قال : قلت : ومن أصحاب الأعراف؟ قال : قوم استوت حسناتهم وسيّئاتهم ، فإن أدخلهم الله النار فبذنوبهم ، وإن أدخلهم الجنّة فبرحمته» (١).
وفي هذا الحديث دلالة على أنّ العذاب والحرمان ليس حتما على من لم يؤمن إيمانا كإيمان أهل المعرفة واليقين.
[٢ / ٢٢٣٢] وفي ذلك روى الكليني بإسناد صحيح إلى عبد الرحمان بن الحجّاج عن زرارة قال : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام : يدخل النار مؤمن؟ قال : لا ، والله. قلت : فما يدخلها إلّا كافر؟ قال : لا ، إلّا من شاء الله .. فرددت عليه مرارا فقال لي : أي زرارة ، إنّي أقول : لا ، وأقول : إلّا من شاء الله! وأنت تقول : لا ، ولا تقول : إلّا من شاء الله!». (٢)
[٢ / ٢٢٣٣] وفي حديث آخر : «يا زرارة ، ما تقول فيمن أقرّ لك بالحكم ، أتقتله؟ ما تقول في خدمكم وأهليكم ، أتقتلهم؟» (٣).
[٢ / ٢٢٣٤] وروى زرارة عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال : «لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا ، لم يكفروا» (٤).
إذن فليس كلّ من خالف المذهب الحقّ أي لم يتوافق معه ، لجهل أو قصور ، كان مناوئا أي جاحدا معاندا.
كما ليس كلّ كافر أي غير معتقد بدين الحقّ ، لجهل أو قصور أيضا ، كان مستوجبا للنار ويحرم المثوبات الأخرويّة على الإطلاق.
بل ولعلّه ـ إن كانت نيّته صادقة واستقام في أمره على طريقة العقل الرشيد وأحسن عملا ـ لعلّه يثاب وفق نيّته وتشمله رحمة الله الواسعة : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)(٥).
[٢ / ٢٢٣٥] فقد روى الصدوق بإسناده إلى الإمام الصادق عن آبائه عن عليّ عليهمالسلام قال ـ ما
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٨١ / ١ ، باب أصناف الناس.
(٢) المصدر ٢ : ٣٨٥ / ٧.
(٣) المصدر : ٣٨٦. قوله : «أقرّ لك بالحكم» أي نزل على حكمك فيه.
(٤) المصدر : ٣٨٨ / ١٨ ، باب الكفر.
(٥) الكهف ١٨ : ٣٠.