المستفيض من كلام العرب في واحد النصارى نصرانيّ. وقد حكي عنهم سماعا «نصران» بطرح الياء ، ومنه قول الشاعر :
تراه إذا زار العشيّ محنّفا |
|
ويضحي لديه وهو نصران شامس (١) |
سمع منهم في الأنثى نصرانة ، قال الشاعر :
فكلتاهما خرّت وأسجد رأسها |
|
كما سجدت نصرانة لم تحنّف (٢) |
يقال : أسجد : إذا مال. وقد سمع في جمعهم أنصار بمعنى النصارى ، قال الشاعر :
لمّا رأيت نبطا أنصارا |
|
شمّرت عن ركبتي الإزارا |
كنت لهم من النّصارى جارا |
وهذه الأبيات التي ذكرتها تدلّ على أنّهم سمّوا نصارى لنصرة بعضهم بعضا وتناصرهم بينهم.
[٢ / ٢٢٣٨] وقد قيل إنّهم سمّوا نصارى من أجل أنّهم نزلوا أرضا يقال لها : «ناصرة». ذكره ابن جريج.
ويقول آخرون : لقوله : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ)(٣).
[٢ / ٢٢٣٩] وقد ذكر عن ابن عبّاس من طريق غير مرتضى أنّه كان يقول : إنّما سمّيت النصارى نصارى ، لأنّ قرية عيسى بن مريم كانت تسمّى ناصرة ، وكان أصحابه يسمّون الناصريّين ، وكان يقال لعيسى : الناصريّ.
[٢ / ٢٢٤٠] وعن قتادة قال : إنّما سمّوا نصارى لأنّهم كانوا بقرية يقال لها : ناصرة ينزلها عيسى بن مريم ، فهو اسم تسمّوا به ولم يؤمروا به.
[٢ / ٢٢٤١] وروى عبد الرزّاق عن معمر ، عن قتادة في قوله : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) قال : تسمّوا
__________________
(١) محنّفا : صار إلى الحنيفيّة. ولديه : أي لدى العشيّ. وشامس : مستقبل الشمس.
(٢) البيت لأبي الأخزر الحماني. ذكره سيبويه في الكتاب (٣ / ٢٥٦ و ٤١١) وابن منظور في اللسان (مادة حنف). يصف ناقتين خرتا من الإعياء أو نحرتا فطأطأتا رؤوسهما ، فشبّه إسجادهما بسجود النصرانة. والإسجاد : طأطأة الرأس. والسجود : وضع الجبهة على الأرض ، أو هما بمعنى طأطأة الرأس. والتحنّف : اعتناق الحنيفيّة أي الإسلام.
(٣) الصفّ ٦١ : ١٤.