وبمثل الذي قلنا في ذلك روي الخبر عن ابن عبّاس :
[٢ / ٢٣٣٣] إنّه قال في قوله : (نَكالاً) يقول : عقوبة.
[٢ / ٢٣٣٤] وعن الربيع في قوله : (فَجَعَلْناها نَكالاً) قال : أي عقوبة (١).
***
[٢ / ٢٣٣٥] وقال أبو إسحاق الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) : وذلك أنّهم كانوا زمن داوود عليهالسلام بأرض يقال لها : أيلة ، حرّم الله عليهم صيد السمّك يوم السبت ، فكان إذا دخل يوم السبت لم يبق حوت في البحر إلّا اجتمع هناك حتّى يخرجن خراطيمهنّ من الماء لأمنها ، فإذا مضى السبت تفرّقن ولزمن البحر ، فذلك قوله تعالى : (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ) فعمد رجال فحفروا الحياض حول البحر وشرعوا منه إليها الأنهار ، فإذا كانت عشيّة الجمعة فتحوا تلك الأنهار فأقبل الموج بالحيتان إلى الحياض فلا تطيق الخروج لبعد عمقها وقلّة الماء ، فإذا كان يوم الأحد أخذوها.
وقيل : كانوا ينصبون الحبائل والشّصوص (٢) يوم الجمعة ويخرجونها يوم الأحد ، ففعلوا ذلك زمانا فكثرت أموالهم ولم تنزل عليهم عقوبة ، فقست قلوبهم وأصرّوا على الذّنب ، وقالوا : ما نرى السّبت إلّا قد أحلّ لنا ، فلمّا فعلوا ذلك صار أهل القرية ـ وكانوا سبعين ألفا ـ ثلاثة أصناف : صنف أمسك ونهى ، وصنف أمسك ولم ينه ، وصنف انتهك الحرمة ، وكان الّذين نهوا اثنا عشر ألفا ، فلمّا أبى المجرمون قبول نصحهم قال الناهون : والله لا نساكنكم في قرية واحدة ، فقسّموا القرية بجدار وغبروا بذلك سنتين ، فلعنهم داوود وغضب الله ـ عزوجل ـ عليهم لإصرارهم على المعصية ، فخرج الناهون ذات يوم من بابهم والمجرمون لم يفتحوا أبوابهم ولا خرج منهم أحد ، فلمّا أبطأوا تسوّروا عليهم الحائط فإذا هم جميعا قردة ، فمكثوا ثلاثة أيّام ثمّ هلكوا ، ولم يمكث مسخ فوق ثلاثة أيّام ولم يتوالدوا فذلك قوله عزوجل : (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً) أمر تحويل (٣).
__________________
(١) الطبري ١ : ٤٦٩ ـ ٤٧٥ ، بحذف وتلخيص.
(٢) الشصوص جمع الشّصّ : حديدة عقفاء يصاد بها السمك وتسمّى السنّارة.
(٣) كان الأمر بكونوا أمر تحويل وتبديل إلى صورة القرود.