(خاسِئِينَ) مطرودين صاغرين بلغة كنانة ، قاله مجاهد وقتادة والربيع.
قال أبو روق : يعني خرسا لا يتكلّمون ، دليله قوله ـ عزوجل ـ : (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ)(١). وقيل : مبعدون من كلّ خير.
(فَجَعَلْناها) أي القردة ، وقيل : القرية ، وقيل : العقوبة.
(نَكالاً) عقوبة وعبرة وفضيحة شاهرة ، وأصله من النكل وهو القيد ، وجمعه أنكال ، ويقال للّجام نكل (٢).
[٢ / ٢٣٣٦] وفي قوله : (لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) قال أبو العالية والرّبيع : معناه عقوبة لما مضى من ذنوبهم وعبرة لما بعدهم.
[٢ / ٢٣٣٧] وقال قتادة : جعلنا تلك العقوبة جزاء لما تقدّم من ذنوبهم قبل نهيهم عن الصّيد وما خلفها من العصيان بأخذ الحيتان بعد النّهي.
وقيل : لما بين يديها من عقوبة الآخرة وما خلفها من نصيحتهم في دنياهم فيذكّرون بها إلى يوم قيام السّاعة.
وقيل : في الآية تقديم وتأخير ؛ وتقديرها : فجعلناها وما خلفها ممّا أعدّ لهم من العذاب في الآخرة نكالا وجزاءا لما بين يديها : أي لما تقدّم من ذنوبهم في اعتدائهم يوم السّبت.
(وَمَوْعِظَةً) : عظة وعبرة. (لِلْمُتَّقِينَ) للمؤمنين من أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يفعلون مثل فعلهم (٣).
***
[٢ / ٢٣٣٨] وأخرج ابن أبي حاتم عن طريق عبد الرزاق عن قتادة في قوله : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) قال : نهوا عن صيد الحيتان في السبت فكانت تشرع إليهم يوم السبت فبلوا بذلك ، فاعتدوا فاصطادوها ؛ فجعلهم الله قردة خاسئين (٤).
[٢ / ٢٣٣٩] وعن عثمان بن عطاء عن أبيه قال : افترقوا ثلاث فرق : فرقة أكلت ، وفرقة اعتزلت ولم تنه ، وفرقة نهت ولم تعتزل ، فنودي الّذين اعتدوا في السبت ثلاثة أصواب نودوا يا أهل القرية
__________________
(١) المؤمنون ٢٣ : ١٠٨.
(٢) النّكل : حديدة اللجام وكلّ قيد شديد.
(٣) الثعلبي ١ : ٢١٢ ـ ٢١٣.
(٤) عبد الرزّاق ١ : ٢٣٧ / ٦٤.