تلك خيلي منها وتلك ركابي |
|
هنّ صفر أولادها كالزبيب (١) |
يعني بقوله : هنّ صفر : هنّ سود ، وذلك إن وصفت الإبل به فليس ممّا توصف به البقر ، مع أنّ العرب لا تصف السواد بالفقوع ، وإنّما تصف السواد إذا وصفته بالشدّة وبالحلوكة ونحوها ، فتقول : هو أسود حالك وحانك وحلكوك ، وأسود غربيب ودجوجي ، ولا تقول : هو أسود فاقع ، وإنّما تقول هو أصفر فاقع. فوصفه إيّاه بالفقوع من الدليل البيّن على خلاف التأويل بشديدة السواد.
وقال في قوله تعالى : (فاقِعٌ لَوْنُها) يعني خالص لونها ، والفقوع في الصفر نظير النصوع في البياض ، وهو شدّته وصفاؤه. كما :
[٢ / ٢٣٩٨] قال قتادة : (فاقِعٌ لَوْنُها) : هي الصافي لونها.
[٢ / ٢٣٩٩] وروي عن أبي العالية في قوله : (فاقِعٌ لَوْنُها) قال : أي صاف لونها.
[٢ / ٢٤٠٠] وعن السدّيّ قال : نقيّ لونها.
[٢ / ٢٤٠١] وعن ابن عبّاس في قوله : (فاقِعٌ لَوْنُها) قال : شديدة الصفرة تكاد من صفرتها تبيضّ.
قال الشاعر :
حملت عليه الورد حتّى تركته |
|
ذليلا يسفّ الترب واللون فاقع (٢) |
وقال في قوله تعالى : (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) يعني بقوله : (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) تعجب هذه البقرة في حسن خلقها ومنظرها وهيئتها الناظر إليها. كما :
[٢ / ٢٤٠٢] روي عن قتادة في قوله : (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) قال : أي تعجب الناظرين.
[٢ / ٢٤٠٣] وروي عن عبد الصمد بن معقل أنّه سمع وهبا قال في قوله تعالى : (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) : إذا نظرت إليها يخيّل إليك أنّ شعاع الشمس يخرج من جلدها (٣).
***
[٢ / ٢٤٠٤] وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبّه قال : إنّ فتى من بني
__________________
(١) رواية الديوان : «خيلي منه» وهو الصواب وما قبله يومىء إلى ذلك ، حيث قال : «إنّ قيسا قيس الفعال ... الخ» والركاب : الإبل التي يسار عليها. والزبيب : ذاوي العنب ، وأسوده أجوده.
(٢) الورد : فرسه.
(٣) الطبري ١ : ٤٧٨ ـ ٤٩٢ ، بحذف وتصرّف.