ينكرها نكتت نكتة سوداء ، ثمّ تعرض فتنة أخرى فإن أنكرها ذلك القلب كما في المرّتين الأوليتين اشتدّ وابيضّ وصفا ولم تضرّه فتنة أبدا ، وإن لم ينكرها كما في المرّتين الأوليين اسودّ واربدّ (١) ونكس ، فلا يعرف حقّا ولا ينكر منكرا (٢).
[٢ / ٢٦٧٨] وأخرج ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان والبيهقي في شعب الإيمان عن عليّ عليهالسلام قال : «إنّ الإيمان يبدو لمظة (٣) بيضاء في القلب ، فكلّما ازداد الإيمان عظما ازداد ذلك البياض ، فإذا استكمل الإيمان ابيضّ القلب كلّه ، وإنّ النفاق يبدو لمظة سوداء في القلب ، فكلّما ازداد النفاق عظما ازداد ذلك السواد ، فإذا استكمل النفاق اسودّ القلب كلّه ، وأيم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض ، ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود» (٤).
[٢ / ٢٦٧٩] وأخرج أحمد بسند جيّد عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «القلوب أربعة : قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر ، وقلب أغلف مربوط على غلافه ، وقلب منكوس ، وقلب مصفح ، فأمّا القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نور ، وأما القلب الأغلف فقلب الكافر ، وأمّا القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثمّ أنكر ، وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ، ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدّها الماء الطيّب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدّها القيح والدّم ، فأيّ المادّتين غلبت على الأخرى غلبت عليه». أي على القلب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمان الفارسي موقوفا مثله سواء. (٥)
__________________
(١) الرّبدة : لون بين السواد والغبرة.
(٢) الدرّ ١ : ٢١٤ ؛ الحاكم ٤ : ٤٦٨ ، كتاب الفتن والملاحم ؛ مسلم ١ : ٨٩ ، كتاب الإيمان.
(٣) اللّمظة : القليل من الشيء. قال ابن الأثير : في حديث علي عليهالسلام : «الإيمان يبدأ في القلوب لمظة». اللمظة ـ بالضمّ ـ مثل النكتة من البياض. ومنه فرس ألمظ إذا كان بجحفلته بياض يسير. وقال البيهقي : واللمظة هي الذوقة وهو أن يلمظ الإنسان أو الدابّة شيئا يسيرا أي يتذوّقه فكذلك القلب يدخله من الإيمان شيء يسير ثمّ يتّسع فيه فيكثر.
(٤) الدرّ ١ : ٢١٥ ؛ الشعب ١ : ٧٠ / ٣٨. كنز العمال ١ : ٤٠٦ ـ ٤٠٧ / ١٧٣٤ ؛ المصنّف ٧ : ٢١١ / ٣ ، كتاب الإيمان ، باب ٢ : وفيه : «نقطة» بدل «لمظة».
(٥) الدرّ ١ : ٢١٥ ؛ مسند أحمد ٣ : ١٧ ؛ مجمع الزوائد ١ : ٦٣ ؛ كنز العمال ١ : ٢٤٤ / ١٢٢٦.