(وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ...)(١).
آخر الآية تهديد لهذا الإنسان إذا عتى عن أمر ربّه بانّه سوف يحول حاجز بين الإنسان وقلبه ، كناية عن ذاته حيث ينسى الإنسان نفسه فلا يرى من نفسه إنسانا ذا مسؤوليّة إنسانيّة عليا بل موجودا هائما في شهوات دنيا سافلة وهذا من أفضع العقوبات تصيب الإنسان الهائم في غياهب اللذّات كما في قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ)(٢). فقد نسوا الله في شريعته ، فكانت مغبّة ذلك أن نسوا موضعهم الإنسانيّ الرفيع فتسافلوا وتساقطوا حيث أسفل سافلين.
وقوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ). (٣) أي كان له باطن ضاح واع. أي كانت شخصيّته الباطنة مشرقة لامعة.
وقوله : (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) أي حاول التسمّع إلى النصح بجدّ وعن إقبال نفس.
وبالجملة ، فمتى استعمل لفظة القلب في القرآن ، سواء أريد به منبعث الحياة ، أو مركز الإرادة والتصميم فالمراد هو ذات الإنسان نفسه ، والذي هو منشأ أصل الحياة والتفكير.
__________________
(١) الأنفال ٨ : ٢٤.
(٢) الحشر ٥٩ : ١٩.
(٣) ق ٥٠ : ٣٧.