قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الأثري الجامع [ ج ٣ ]

التفسير الأثري الجامع [ ج ٣ ]

399/576
*

نعم إنّهم آيسون من الآخرة على قدر ما هم حريصون على حياة الدنيا.

(وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).

***

[٢ / ٢٧٣٣] قال عليّ بن إبراهيم : أحبّوا العجل حتّى عبدوه ، ثمّ قالوا : نحن أولياء الله! فقال الله ـ عزوجل ـ : إن كنتم أولياء الله كما تقولون (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إذ قد جاء في التوراة : إنّ أولياء الله يتمنّون الموت ولا يرهبونه. (١)

وقال أبو جعفر : وهذه الآية ممّا احتجّ الله بها لنبيّه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على اليهود الّذين كانوا بين ظهرانيّ مهاجره ، وفضح بها أحبارهم وعلماءهم. وذلك أنّ الله ـ جلّ ثناؤه ـ أمر نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يدعوهم إلى قضيّة عادلة بينه وبينهم فيما كان بينه وبينهم من الخلاف ، كما أمره الله أن يدعو الفريق الآخر من النصارى إذ خالفوه في عيسى (صلوات الله عليه) وجادلوا فيه إلى فاصلة بينه وبينهم من المباهلة (٢). وقال لفريق اليهود : إن كنتم محقّين فتمنّوا الموت ، فإنّ ذلك غير ضارّكم إن كنتم محقّين فيما تدّعون من الإيمان وقرب المنزلة من الله ، بل إن أعطيتم أمنيّتكم من الموت إذا تمنّيتم فإنّما تصيرون إلى الراحة من تعب الدنيا ونصبها وكدر عيشها ، والفوز بجوار الله في جنانه ، إن كان الأمر كما تزعمون أنّ الدار الآخرة لكم خالصة دوننا. وإن لم تعطوها علم الناس أنّكم المبطلون ونحن المحقّون في دعوانا ، وانكشف أمرنا وأمركم لهم. فامتنعت اليهود من إجابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ذلك ؛ لعلمها أنّها إن تمنّت الموت هلكت فذهبت دنياها وصارت إلى خزي الأبد في آخرتها. كما امتنع فريق النصارى الّذين جادلوا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عيسى ـ إذ دعوا إلى المباهلة ـ من المباهلة ؛ فبلغنا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لو أنّ اليهود تمنّوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الّذين يباهلون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا».

[٢ / ٢٧٣٤] حدثنا بذلك أبو كريب ، بالإسناد إلى عكرمة ، عن ابن عبّاس ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(١) القمّي ١ : ٥٤ ؛ البحار ٩ : ١٨٦ / ١٥.

(٢) يشير إلى قوله تعالى في الآية ٦١ من سورة آل عمران : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ).