(نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)(١) فقيل لهم : (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
[٢ / ٢٧٤٠] وعن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : قالت اليهود : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) وقالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فقال الله : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فلم يفعلوا.
***
قال : وأمّا تأويل قوله : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً) فإنّه يقول : قل يا محمّد إن كان نعيم الدار الآخرة ولذّاتها لكم يا معشر اليهود عند الله. فاكتفى بذكر «الدار» من ذكر نعيمها ، لمعرفة المخاطبين بالآية معناها.
وأمّا تأويل قوله : (خالِصَةً) فإنّه يعني به صافية ، كما يقال : خلص لي فلان بمعنى صار لي وحدي وصفا لي ؛ يقال منه : خلص لي هذا الشيء ، فهو يخلص خلوصا وخالصة ، والخاصة مصدر مثل العافية ، ويقال للرجل : هذا خلصاني ، يعني خالصتي من دون أصحابي. وقد روي عن ابن عبّاس أنّه كان يتأوّل قوله : (خالِصَةً) خاصة ، وذلك تأويل قريب من معنى التأويل الذي قلناه في ذلك.
[٢ / ٢٧٤١] وعن الضحّاك عن ابن عبّاس في قوله : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ) قال : قل يا محمّد لهم ـ يعني اليهود ـ إن كانت لكم الدار الآخرة ـ يعني الخير ـ (عِنْدَ اللهِ خالِصَةً) يقول : خاصة لكم.
وأمّا قوله (مِنْ دُونِ النَّاسِ) فإنّ الذي يدلّ عليه ظاهر التنزيل أنّهم قالوا : لنا الدار الآخرة عند الله خالصة من دون جميع الناس. ويبيّن أنّ ذلك كان قولهم من غير استثناء منهم من ذلك أحدا من بني آدم ، إخبار الله عنهم أنّهم قالوا : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى).
[٢ / ٢٧٤٢] إلّا أنه روي عن ابن عبّاس قول غير ذلك. فعن الضحّاك ، عن ابن عبّاس : (مِنْ دُونِ النَّاسِ) يقول : من دون محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه الّذين استهزأتم بهم ، وزعمتم أنّ الحقّ في أيديكم ، وأنّ الدار الآخرة لكم دونهم.
__________________
(١) المائدة ٥ : ١٨.