وفي مقابل هؤلاء من يرى ويروي أنّهما ملكان من الملائكة.
[٢ / ٢٨٥١] أخرج ابن أبي حاتم بالإسناد إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام قال : «هما ملكان من ملائكة السماء» وهكذا ابن مردويه من وجه آخر عنه عليهالسلام. (١)
[٢ / ٢٨٥٢] وقال الزجّاج : وروي عن عليّ عليهالسلام أنّه قال : «أي والذي أنزل على الملكين وأنّ الملكين كانا يعلّمان الناس تعليم إنذار من السحر ، لا تعليم دعاء إليه».
قال الزجّاج : وهذا القول ، الذي عليه أكثر أهل اللغة والنظر. ومعناه : أنّهما يعلّمان الناس على النهي ، فيقولان لهم : لا تفعلوا كذا ، ولا تحتالوا بكذا ، لتفرّقوا بين المرء وزوجه. والذي أنزل عليهما هو النهي. كأنّه : قولا الناس : لا تعملوا كذا. فيعلّمان ، بمعنى : يعلمان. كما قال : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ)(٢) أي أكرمنا. (٣)
***
[٢ / ٢٨٥٣] ومن الغريب ما أخرجه البخاري في تاريخه وابن المنذر عن ابن عبّاس : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) يعني جبريل وميكائيل (بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ) يعلّمان الناس السحر. (٤)
قلت : وتأويل الملكين بجبريل وميكائيل ، ينظر إلى فرض «ما» نافية تنفي أن يكون النازل على الملكين سحرا وإنّما هو زعم زعمته سحرة اليهود.
[٢ / ٢٨٥٤] فقد أخرج ابن جرير عن ابن عبّاس أنّه يقول : لم ينزل الله السحر. (٥)
[٢ / ٢٨٥٥] وعن الربيع بن أنس قال : ما أنزل الله عليهما السحر. (٦)
[٢ / ٢٨٥٦] وأخرج ابن أبي حاتم عن عطيّة قال : ما أنزل على جبريل وميكائيل السحر. (٧)
قال أبو جعفر الطبري : فيكون معنيّا بالملكين جبريل وميكائيل ، لأنّ سحرة اليهود ـ فيما ذكرت ـ كانت تزعم أنّ الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داوود ، فأكذبهم
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٣٦ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٨٨ / ١٠٠١ ؛ ابن كثير ١ : ١٤٣.
(٢) الإسراء ١٧ : ٧٠.
(٣) القرطبي ٢ : ٥٣ ـ ٥٤.
(٤) الدرّ ١ : ٢٣٦ ؛ التاريخ ٧ : ١٦٨ / ٧٥٢.
(٥) الطبري ١ : ٦٣٣ / ١٣٨٩.
(٦) المصدر / ١٣٩٠.
(٧) ابن أبي حاتم ١ : ١٨٨ / ٩٩٩ ؛ ابن كثير ١ : ١٤٢.