وملائكة البأس ، حتّى انتهوا إلى العراق فقال بعضهم لبعض : افترقوا!
فقال ملك الإيمان : أنا أسكن المدينة ومكّة ؛ فقال ملك الحياء : أنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنّ الإيمان والحياء ببلد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!
وقال ملك الشقاء : أنا أسكن البادية ؛ فقال ملك الصحّة : وأنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنّ الصحّة والشقاء في الأعراب!
وقال ملك الجفاء : أنا أسكن المغرب ، فقال ملك الجهل : وأنا معك ، فاجتمعت الأمّة على أنّ الجفاء والجهل في البربر!
وقال ملك السيف : أنا أسكن الشام ؛ فقال ملك البأس : أنا معك.
وقال ملك الغنى : أنا أقيم هاهنا (أي أرض بابل بالعراق). فقال ملك المروءة : أنا معك. فقال ملك الشرف : وأنا معكما. فاجتمع ملك الغنى والمروءة والشرف بالعراق! (١)
[٢ / ٢٨٥٨] وأخرج ابن عساكر عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله عزوجل خلق أربعة أشياء وأردفها أربعة أشياء ، خلق الجدب وأردفه الزهد وأسكنه الحجاز ، وخلق العفّة وأردفها الغفلة وأسكنها اليمن ، وخلق الريف وأردفه الطاعون وأسكنه الشام ، وخلق الفجور وأردفه الدرهم وأسكنه العراق». (٢)
[٢ / ٢٨٥٩] وأخرج عن سليمان بن يسار قال : كتب عمر بن الخطّاب إلى كعب الأحبار أن اختر لي المنازل! فكتب إليه يا أمير المؤمنين إنّه بلغنا أنّ الأشياء اجتمعت ، فقال السخاء : أريد اليمن ، فقال حسن الخلق : أنا معك. وقال الجفاء : أريد الحجاز ، فقال الفقر : أنا معك. وقال البأس : أريد الشام ، فقال السيف : أنا معك. وقال العلم : أريد العراق ، فقال العقل : أنا معك. وقال الغنى : أريد مصر ، فقال الذلّ : أنا معك! فاختر لنفسك يا أمير المؤمنين ، فلمّا ورد الكتاب على عمر قال : فالعراق إذن ، فالعراق إذن! (٣)
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ؛ ابن عساكر ١ : ٣٥٣ ـ ٣٥٤.
(٢) الدرّ ١ : ٢٣٧ ؛ ابن عساكر ١ : ٣٥١ ـ ٣٥٢ ؛ كنز العمّال ١٢ : ٣٠١ / ٣٥١٢٠.
(٣) الدرّ ١ : ٢٣٧ ؛ ابن عساكر ١ : ٣٥٢ ـ ٣٥٣.