ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة ، وما أدري لعلّي أبتلى بما ابتلي به هاروت وماروت. فبكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبكى جبريل ، فما زالا يبكيان حتّى نوديا أن : يا جبريل ويا محمّد إنّ الله قد أمّنكما أن تعصياه». (١)
[٢ / ٢٨٧٨] وأخرج الثعلبي وابن أبي حاتم بالإسناد إلى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنّها قالت : قدمت عليّ امرأة من أهل دومة الجندل تبتغي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به!
قالت : وقفنا ببابل ، فإذا برجلين معلّقين بأرجلهما! فقالا : ما جاء بكم؟! فقلت : نتعلّم السحر. فقالا : إنّما نحن فتنة فلا تكفروا وارجعوا ، فأبيت وقلت : لا. قالا : فاذهبي إلى ذلك التنّور فبولي فيه فذهبت فبلت فيه ، فرأيت فارسا مقنّعا بحديد خرج منّي! حتّى ذهب في السماء وغاب عنّي. فجئتهما وقلت : قد فعلت وقصصت عليهما ما رأيت. فقالا : صدقت ، ذلك إيمانك ، خرج منك. اذهبي.
قالت عائشة : فما علّماك وما قالا لك؟ قالت : لا أعلم شيئا ولا قالا لي شيئا إلّا أنّي ما أريد شيئا إلّا كان فآخذ القمح وأقول : ابذري فتبذر. وأقول : اطلعي فتطلع. وأقول : احقلي فتحقل. وأقول افركي وايبسي واطحني واخبزي فتكون كذلك لوقتها. قالت : فلمّا رأيت أنّي لا أريد شيئا إلّا كان ، سقط في يدي وندمت ـ والله يا أمّ المؤمنين ـ وما فعلت شيئا وما أفعله أبدا. (٢)
قالت عائشة ـ وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد توفّي آنذاك ـ : فسألت أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم يومئذ متوافرون ، فمادروا ما يقولون لها ، وكلّهم يخشى أن يفتيها بما لا يعلمه إلّا أنّه قد قال لها ابن عبّاس أو بعض من كان عنده : لو كان أبواك حيّين أو أحدهما لكانا يكفيانك!! (٣)
***
[٢ / ٢٨٧٩] وهكذا أخرج ابن جرير والحاكم وصحّحه والبيهقي في سننه عن عروة عن عائشة
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ؛ الأوسط ٣ : ٨٩ ـ ٩٠ ؛ مجمع الزوائد ١٠ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ، كتاب صفة النار ؛ كنز العمّال ١٤ : ٦٥٤ ـ ٦٥٦ / ٣٩٧٨٤.
(٢) الثعلبي ١ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠.
(٣) ابن أبي حاتم ١ : ١٩٤ / ١٠٢٢. والحديث مبتور أكملناه على الدرّ المنثور ١ : ٢٤٦.