فيقول : يا حسرتاه ، يا ويلاه ، ماذا أصنع!! (١)
[٢ / ٢٨٧٦] وأخرج ابن جرير عن أسباط ، عن السدّي ، قال : إذا أتاهما ـ يعني هاروت وماروت ـ إنسان يريد السحر وعظاه وقالا له : لا تكفر إنّما نحن فتنة. فإن أبى قالا له : ائت هذا الرّماد فبل عليه! فإذا بال عليه خرج منه نور يسطع حتّى يدخل السماء ، وذلك الإيمان ـ وقيل شيء أسود كهيئة الدخان ـ حتّى يدخل في مسامعه وكلّ شيء منه ، فذلك غضب الله ، فإذا أخبرهما بذلك علّماه السحر. فذلك قول الله : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) الآية. (٢)
[٢ / ٢٨٧٧] وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمر قال : جاء جبريل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه ، فقام إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «يا جبريل ما لي أراك متغيّر اللون؟! فقال : ما جئتك حتّى أمر الله بمفاتيح النار! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا جبريل صف لي النار وانعت لي جهنّم! فقال جبريل : إنّ الله تبارك وتعالى أمر بجهنّم فأوقد عليها ألف عام حتّى ابيضّت ، ثمّ أمر فأوقد عليها ألف عام حتّى احمرّت ، ثمّ أمر فأوقد عليها ألف عام حتّى اسودّت ، فهي سوداء مظلمة لا يضيء شررها ولا يطفأ لهبها. والذي بعثك بالحقّ لو أنّ قدر ثقب أبرة فتح من جهنّم لمات من في الأرض كلّهم جميعا من حرّه. والذي بعثك بالحقّ لو أنّ ثوبا من ثياب النار علّق بين السماء والأرض لمات من في الأرض جميعا من حرّه. والذي بعثك بالحقّ لو أنّ خازنا من خزنة جهنّم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه لمات من في الأرض كلّهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه. والذي بعثك بالحقّ لو أنّ حلقة من حلق سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لا رفضّت وما تقارّت حتّى تنتهي إلى الأرض السفلى. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : حسبي يا جبريل! فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى جبريل وهو يبكي فقال : تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت به؟! فقال : ومالي لا أبكي؟ أنا أحقّ بالبكاء ، لعلّي أكون في علم الله على غير الحال الّتي أنا عليها ، وما أدري لعلّي أبتلى بما
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٤٥ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٩٢ و ١٩٤ / ١٠١٠ و ١٠٢١ ؛ ابن كثير ١ : ١٤٧.
(٢) الطبري ١ : ٦٤٦ / ١٤١٠ ؛ ابن كثير ١ : ١٤٨ ؛ القرطبي ٢ : ٥٥ ؛ البغوي ١ : ١٥١ ، عن عطا والسدّي بلفظ : فإن أبى إلّا التعلّم قالا له : إئت هذا الرّماد فبل عليه فيخرج منه نور ساطع في السماء فذلك نور المعرفة وينزل شيء أسود شبه الدخان حتّى يدخل مسامعه وذلك غضب الله.