تعتدّ عند أهل زوجها واجبة. فأنزل الله آية الإمتاع إلى الحول ، فجعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصيّة ، إن شاءت سكنت في وصيّتها وإن شاءت خرجت. قال : فالعدّة كما هي واجبة عليها.
زعم ذلك عن مجاهد. (١)
قال ابن حجر : قائل ذلك هو «شبل» ، وفاعل «زعم» هو ابن أبي نجيح (٢).
غير أن القرطبي رجّح قول المشهور (٣) استنادا إلى رواية حسبها ظاهرة في ذلك ولأنّهم لا يرون الوصيّة لوارث ، حسبما يأتي.
***
وكذلك تنظّر أبو مسلم محمّد بن بحر الأصفهاني ، في أن تكون الآية منسوخة ، وقال : إنّ معنى الآية : من يتوفّى منكم ويذر زوجا وقد وصّى لها بالنفقة والسكنى حولا ، فهذا حقّ لها.
فإن خرجت قبل تمام الحول ، بعد أن قضت عدّتها المضروب لها ، فلا حرج. لأنّ إقامتها بهذه الوصيّة غير لازمة. قال : والسبب في ذلك أنّهم كانوا في الجاهليّة يوصون بالنفقة والسكنى حولا كاملا ، وكان يجب على المرأة الاعتداد بالحول فبيّن الله تعالى في هذه الآية أنّ ذلك غير واجب. قال : وعلى هذا التقدير فالنسخ زائل.
واستدلّ على مذهبه بوجوه :
أحدها : أنّ النسخ خلاف الأصل ، فوجب المصير إلى عدمه مهما أمكن.
ثانيها : يجب أن يكون الناسخ متأخّرا نزولا ـ وبعد فترة مضت على المنسوخ طبعا ـ هذا وآية الاعتداد بأربعة أشهر وعشر ، جاء ثبتها في سورة البقرة برقم : ٢٣٤. في حين أنّ رقم ثبت آية الإمتاع إلى الحول : ٢٤٠.
قال : والأصل أنّ الثبت الحاضر متوافق مع ترتيب النزول وإلّا لتشوّش الثبت وعدّ من سوء الترتيب الأمر الذي يتنزّه عنه كلام الله الحكيم.
ويجب تنزيه كلامه تعالى عن كلّ شائبة وسوء نظم مهما استطعنا إلّا أن يدلّ دليل قاطع على
__________________
(١) البخاري ٦ : ٣٦ ـ ٣٧ (تفسير سورة البقرة).
(٢) فتح الباري بشرح البخاري ٨ : ١٤٥.
(٣) القرطبي ٣ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.