المشهور (١) ولم يجزم به.
كما أنّ الحكيم السبزواري أورد على هذا القول اعتراضات ومن غير إجابة شافية. (٢)
وعمدة الإشكال تفسيرهم للإرادة الذاتيّة بالعلم. وقد عرفت من كلام العلّامة الطباطبائي أنّ هذا التفسير يقضي بأن تكون الإرادة القديمة وجها من وجوه علمه القديم .. إذن فليس وراء علمه تعالى القديم شيء ، فما هو منشأ انتزاع صفة أخرى باسم الإرادة؟! وما الذي دعاهم إلى هذا التمحّل وتكلّف التأويل؟!
فممّا استشكله الحكيم السبزواري : أنّ علمه تعالى يتعلّق بكلّ شيء حتّى الظلم والقبيح ، في حين أنّه تعالى لا يريد شرّا بالعباد. (٣)
وأجاب بأنّ إرادة الشرّ تبعيّة وليست أصليّة. أي إنّه تعالى أراد خيرا لعباده ، ولكنّهم لسوء تصرّفهم قلبوه شرّا .. ومعلوم أنّه لا يقع شيء في عالم الوجود إلّا عن إذنه تعالى.
وثانيا : هذا يخالف ما ورد في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام أنّها (أي الإرادة) صفة فعل وهو فعله تعالى. (٤)
وأجاب بأنّ للإرادة مراتب ثلاث : إرادة حقّة حقيقيّة ، هذه عين ذاته تعالى. وفسّرت بالمحبّة الذاتيّة المتعلّقة بالذات أوّلا ، ثمّ منها تسرّبت إلى حبّ الآثار. وهي أفعاله تعالى. وقد قيل : «من أحبّ شيئا أحبّ آثاره». (٥)
والمرتبة الثانية : إرادة حقّة ظلّيّة ، وهي مقام التجلّي والظهور ، والذي هو في كلّ شيء بحسبه.
والمرتبة الثالثة : إرادة هي من مقولة الإضافة ، تلحظ في متعلّقها ، نظير العلم الحادث بلحاظ حدوث معلومه. (٦)
وثالثا : إنّه تعالى إنّما يوجد الأشياء حسب أوقاتها ، فهي حادثة ولا بدّ لها من مرجّح يخصّص إيجادها في وقت كذا وفي ظرف كذا .. والإرادة القديمة لا تصلح لهذا الترجيح ، كما لا ينفعه العلم
__________________
(١) حيث قوله : «قالوا : إرادته تعالى علمه بالنظام الأصلح ...» حسبما عرفت.
(٢) راجع : أسرار الحكم ١ : ١١٨ ـ ١٣٠.
(٣) المصدر : ١١٨.
(٤) المصدر : ١١٩.
(٥) المصدر : ١٠٠.
(٦) المصدر : ١٢٠.