[٢ / ١٨٢٦] وعن السدّي ، قال : انطلق موسى واستخلف هارون على بني إسرائيل ، وواعدهم ثلاثين ليلة وأتمّها الله بعشر (١).
هل كانت المواعدة على أربعين أم على ثلاثين؟
جاء في سورة البقرة (٥١) : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً).
وفي سورة الأعراف (١٤٢) : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.)
[٢ / ١٨٢٧] روى العيّاشي بالإسناد إلى محمّد بن مسلم عن الإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : «كان في العلم والتقدير ثلاثين ليلة ، ثمّ بدا لله فزاد عشرا. فتمّ ميقات ربّه ، الأوّل والآخر ، أربعين ليلة» (٢).
يبدو من هذا الحديث أنّ هناك كانت مواعدتان ، أولاهما : ثلاثون ليلة وهي التي أبداها الله لموسى في بدء الأمر لغرض الحضور لديه في الميقات. ولم يظهر من القرآن أنّ موسى أخبر قومه بهذه المدّة أي الثلاثين ليلة.
والمواعدة الأخرى كانت بعد إتمام الثلاثين ، ولم يكن نبّأ الله موسى بها من قبل. بل بعد ذلك لدى الحاجة إلى البيان. وتأخير البيان إلى وقت الحاجة إليه ، أمر جائز في التكليف ، كما قرّره علماء الأصول. إذ قد تكون الحكمة في هذا التأخير ، اختبار المكلّف بالتوطين على الاصطبار.
وهذا معنى قوله عليهالسلام : «ثمّ بدا لله فزاد عشرا» أي بدت حكمته تعالى في زيادة العشر على الثلاثين ، الأمر الذي كان خافيا على موسى من قبل ، فأظهره الله له عند الحاجة إليه.
قال سيّدنا العلّامة الطباطبائي : «وقد ذكر الله ـ سبحانه ـ المواعدة وأخذ أصلها ثلاثين ليلة ، ثمّ أتمّها بعشر ليال أخر ، ثمّ ذكر الفذلكة وهي أربعون. وأمّا الذي ذكره في موضع آخر (سورة البقرة : ٥١) : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) فهو المجموع المتحصّل من المواعدتين .. وبالجملة : يعود المعنى إلى أنّه تعالى وعده ثلاثين ليلة للميقات ، ثمّ وعده عشرا آخر لإتمام ذلك ، فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة» (٣).
__________________
(١) المصدر / ٧٧١.
(٢) العيّاشي ١ : ٦٣ / ٤٦ ؛ البحار ١٣ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧ / ٢٧ ، باب ٧.
(٣) الميزان ٨ : ٢٤٧.